التلقيح لفهم قارئ الصحيح

حديث ابن عباس: في قوله تعالى: {اللات}

          4859- قوله: (حَدَّثَنَا مُسْلِمٌ): هو ابن إبراهيم الفراهيديُّ الحافظ، تَقَدَّم الكلام عليه، وعلى نسبته هذه، و(أَبُو الأَشْهَبِ) بعده: بفتح الهمزة، ثُمَّ شين معجمة ساكنة، ثُمَّ هاء مفتوحة، ثُمَّ مُوَحَّدَة، واسمه جعفر بن حَيِّان؛ بفتح الحاء، وبالمثنَّاة تحت المشدَّدة، العطارديُّ السعديُّ البصريُّ الأعمى، أخرج له الجماعة، ووثَّقه أحمد وأبو حاتم، وقال النَّسائيُّ: (ليس به بأس)، وُلِد سنة سبعين أو إحدى وسبعين، ومات في شعبان سنة ░175ه)، وهو من كبار قرَّاء البصرة، قال أبو عمرو الدانيُّ: إنَّه قرأ القرآن على أبي رجاء العطارديِّ، له ترجمة في «الميزان» وفيها توثيقه، ثُمَّ قال: (قال ابن الجوزيِّ: قال ابن معين: ليس بشيء)، قال الذهبيُّ: (قلت: ما أعتقد أنَّ ابن معين قال هذا، وإنَّما وهَّى ابن معين أبا الأشهب الواسطيَّ، ولهذا وَهِمَ ابن الجوزيِّ وقال في هذا: جعفر بن حيَّان أبو الأشهب الواسطيُّ، والرجل بصريٌّ، ليس بواسطيٍّ، وقد اشتركا في الكنية والاسم، وافترقا في البلد والأب)، انتهى.
          والمتكلَّم فيه: جعفر بن الحارث، قال الذهبيُّ: (وقد فتَّشت على العطارديِّ _يعني: جعفر بن حيَّان صاحب الترجمة_ فما رأيت أحدًا سبق ابنَ الجوزيِّ إلى تليينه بوجه، وإنَّما أوردته؛ ليُعرَف أنَّه ثِقةٌ، ويسلمَ من قال وقيل)، انتهى، وقد صحَّح عليه في «الميزان»، والله أعلم.
          و(أَبُو الْجَوْزَاءِ): بفتح الجيم، ثُمَّ واو ساكنة، ثُمَّ زاي، ممدودٌ، واسمه أوس بن عبد الله الرَّبَعِيُّ، أبو الجوزاء البصريُّ، عن عائشة، وأبي هريرة، وصفوان بن عَسَّال، وابن عبَّاس، وعنه: بديل بن ميسرة، وقتادة، وعمرو بن مالك النُّكريُّ، ومحمَّد بن جُحادة، وأبو الأشهب العطارديُّ، وآخرون، وثَّقه أبو حاتم، قُتِل في وقعة دَير الجماجم، وكانت سنة ثلاث وثمانين، أخرج له الجماعة، وله ترجمة في «الميزان».
          قوله: (اللَّاتُ(1): كَانَ(2) رَجُلًا يَلُتُّ سَوِيقَ الْحَاجِّ): و(اللات) في أصلنا مدلَّس التاء ليس مشدَّدًا، بل ظاهر ضبطه يدلُّ على أنَّه مخفَّفٌ، قال ابن الأثير: (إنَّ أصله بالتشديد؛ لأنَّ الصنم سُمِّيَ باسم الذي كان يلتُّ السويق عند الأصنام؛ أي: يخلطه، فخُفِّف، وجُعِل اسمًا للصنم، وقيل: إنَّ التاء في الأصل مخفَّفةٌ للتأنيث)، انتهى، وقد رأيته في نسخة صحيحة مشدَّد التاء بالقلم في الموضعين، وعليه (صح).
          وقال شيخنا ما لفظه: (هذا على قراءةِ مَن قرأ بتشديد التَّاء، وهو خلافُ مَا عليه الأكثر، والوقفُ عليها بالتَّاء، خلافًا للكسائيِّ حيث وقف بالهاء) انتهى، وما قاله عن الكسائيِّ معروفٌ عند القرَّاء معرفةً شهيرة، وقال شيخنا مجد الدين في «القاموس»: و(اللاتُّ؛ مشدَّد التَّاء: صنمٌ، قرأَ بها ابن عبَّاس، وعكرمة، وجماعة)، وقال الإمام شهاب الدين السمين في إعرابه: (والعامَّة تخفِّف تاءها، وقرأَ ابن عبَّاس، ومجاهد، ومنصور بن المعتمر، وأبو الجوزاء، وأبو صالح، وابن كَثِير في رواية: بتشديد التَّاء، قيل: هو رجل كان يلتُّ السَّويق ويطعمه الحاجَّ، فهو اسم فاعل في الأصل غلب على هذا الرجل، وكان يجلس عند حَجَر، فلمَّا مات؛ سُمِّيَ الحَجَر باسمه وعُبِد من دون الله تعالى) انتهى، والرجل: عمرو بن لحيٍّ، أو ربيعة بن حارثة، ذكرهما السهيليُّ، فيُقرَأ التلاوة بتشديد التاء على الشاذَّة، والله أعلم.


[1] كذا في (أ) و(ق)، ورواية «اليونينيَّة»: ({اللَّاتَ}).
[2] قوله: (كان): ليس في «اليونينيَّة»، وهي في (أ) و(ق) مستدركة مصحَّحٌ عليها.