التلقيح لفهم قارئ الصحيح

{ن والقلم}

          قوله: ({عَلَى حَرْدٍ}[القلم:25]: عَلَى جِدٍّ فِي أَنْفُسِهِمْ): (جِدٍّ): بكسر الجيم، وتشديد الدال المهملة، كذا في أصلنا، وكذا رأيته في نسخة الدِّمْياطيِّ، وكذا أخرى صحيحة، وقال شيخنا الشارح: و(«الجِدُّ» بالكسر: الاجتهاد في الأمر؛ كنقيض(1) الهزل، وربَّما ضُبِط بالفتح)، انتهى، وقال ابن قُرقُول في (الجيم والدَّال المهملة): («عَلَى حَرْدٍ»؛ أي: قَصْدٍ، وهو قول الفرَّاء، كذا رواه الأصيليُّ، وعند غيره: أي: جِدٍّ؛ يعني: في المنع)، انتهى، وقال الهرويُّ في «غَريبَيه»: (أي: جِدٍّ في المنع، من قولك: حاردتِ السَّنةُ؛ أي: منعتْ قَطْرها، وحاردتِ الإبل؛ أي: منعت ألبانها، قال: وقيل: حَرْد؛ أي: غَضَب)، انتهى، وقال ابن عبد السَّلام: ({حَرْدٍ} قدرة في أنفسهم وجِدٍّ، أو غيظ، أو غضب، وقيل: القرية تُسمَّى حَرْدًا، وقيل: اسم الجنَّة)، انتهى.
          قوله: (وَقَالَ ابْنُ عبَّاس: {إِنَّا لَضَالُّونَ}[القلم:26]: أَضْلَلْنَا مَكَانَ جَنَّتِنَا): قال الدِّمْياطيُّ: (صوابه في هذا «ضللنا»، يقال: ضللتُ الشيء؛ إذا جعلتَه في مكانٍ ولم تدرٍ أين هو، وأضللتُه؛ إذا ضيَّعتَه، وإذا وجدتَه ضالًّا، وإذا حملتَه على الضلال وأدخلتَه فيه أيضًا)، انتهى، وما قاله صحيح، ويشهد له قولُ غيرِ واحد؛ منهم الجوهريُّ وابن قُرقُول، فإنَّه قال في «المطالع»: («أضللتُ بعيرًا لي»، و«أضلَّ راحلته» أي: ذهب عنه ولم يجده، قال أبو زيد: أضللتُ الدابَّةَ والصبيَّ، وكلَّ ما ذهب عنَّا بوجه من الوجوه، وإذا كان معكَ مقيمًا فأخطأتَه؛ فهو بمنزلة ما لم يَبرَح؛ كالدَّار والطَّريق، تقول: ضللتُ ضلالةً، قال الأصمعيُّ: ضلَلت الدَّار والطريق، وكلَّ ثابتٍ لا يبرح _بفتح اللَّام_، وضلَّني فلان، فلم أقدر عليه، وأضللت الدراهم، وكلَّ شيء ليس بثابتٍ، وفي حديث أبي هريرة: «فضلَّ أحدُهما صاحبَه» [خ¦2532]، الوجه: فأضلَّ أو ضلَّ أحدهما من صاحبه...) إلى آخر كلامه، وقد تَقَدَّم تعقُّبٌ في حديث أبي هريرة: «فضلَّ أحدُهما صاحبَه» [خ¦2532]، والله أعلم.


[1] في (أ): (وفي الأم ولنقيض)، والمثبت من مصدره.