التلقيح لفهم قارئ الصحيح

طه

          قوله: (قَالَ ابْنُ جُبَيْرٍ: بِالنَّبَطِيَّةِ {طه}: يَا رَجُلُ): (ابن جُبَير): هو سعيد، و(النبطيَّة): منسوبة إلى النَّبَط، وقد تَقَدَّم الكلام على (النبط) مَن هم [خ¦2244] [خ¦2254]، وقوله: ({طه}: يَا رَجُلُ): قال ابن قُرقُول ما لفظه: («{طه}: يا رجلُ بالنبطيَّة»: ذكره البُخاريُّ في «التفسير»، وصحَّحه بعضهم، وقال: هي لغة عَكٍّ، وقال الخليلُ: مَن قرأ: ▬طَهْ↨؛ فهو «يا رجلُ»، ومَن قرأ: {طه}؛ فحرفان مِنَ الهجاء؛ فمعناه: اطمئنَّ، وقيل: طأِ الأرضَ، والهاء كنايةٌ عنها)، انتهى.
          فحاصلُ كلامه: أنَّ (يا رجل): هو تفسيرٌ للقراءة الشاذَّة ▬طَهْ↨، وقد قرأ بها قتادةُ، كما سيأتي، وقال ابن عبد السلام: ({طه}: قيل: معناها بالسُّريانيَّة: يا رجل، فَعُرِّب، وقيل: بالنبَطيَّة، وقيل: معناه: يا حبيبي بلغة عَكٍّ، وقيل: طُوبى لمن هُدِيَ، وقيل: يا طاهرُ، وقيل: يا هادي، أو طأِ الأرض بقدمَيكَ، والهاء بدل الهمزة، دليلُه: قراءة قتادة: ▬طَهْ↨؛ بالسكون)، انتهى.
          وقال العلَّامة أبو حيَّان شيخ شيوخنا في «البحر»: (قال ابن عبَّاس، والحسن، وابن جُبَير، ومجاهد، وعطاء، وعِكْرمة: معنى {طه}: يا رجلُ، فقيل: بالنبَطيَّة، وقيل: بالحبشيَّة، وقيل: بالعبرانيَّة، وقيل: لغة يمنيَّة في عَكٍّ، وقيل: في عُكْل، وقال الكلبيُّ: لو قلتَ في عَكٍّ: «يا رجلُ»؛ لم تُجَبْ حتَّى تقولَ: «طه»، وقرأ الحسنُ، وعِكْرمة، وأبو حنيفة، وورش في اختياره: ▬طَهْ↨، قيل: أصله: «طَأْ»، فحُذِفت(1) الهمزة؛ بناءً على أصل قلبها في «يطأُ»، ثُمَّ بُنِي الأمرُ عليه، وأُدخلَت هاءُ السَّكْت، وأُجرِيَ الوصل مُجرى الوقف، أو أصله(2): «طَأْ»، وأُبدِلت همزتُه هاءً، فقيل: «طَهْ»)، فعلى ما قاله أبو حيَّان يُقرَأ ما في «الصحيح»: ({طه}: يا رجلُ)، فإن قرأتَ: («طَهْ» _بفتح الطاء وسكون الهاء_: يا رجلُ)؛ كان على ما قاله الخليلُ، كما تَقَدَّم، وهي قراءةُ قتادةَ كما قدَّمتُه، وإن قرأتَ: ({طه}: يا رجلُ)؛ كان على ما نقلتُه بعدَه، وقال الشهاب السمين الإمامُ: (وقرأ الحسن، وعِكْرمة، وأبو حنيفة، وورش في اختياره: ▬طَهْ↨؛ بإسقاط الألف بعد الطاء، وهاء ساكنة)، ثُمَّ شرع يذكر توجيهَه، والله أعلم.
          قوله: (أَوْ فِيهِ تَمْتَمَةٌ، أَوْ فَأْفَأَةٌ): (التمتمة): تحبُّس اللِّسان وتردُّده إلى لفظ كأنَّه التاء والميم، واسمُ الرَّجل منه تَمْتَام، وقال ابن دُرَيد: (هو ثِقَل النطق بالتاء)، و(الفَأْفَأَةُ)؛ بهمزتَين؛ الأُولى منهما ساكنة، والثانية مفتوحة، و(الفأفاءُ): يُمَدُّ ويُقصَر، وهو الذي يَغلِبُ على لسانه الفاءُ يردِّدها، وقال ابن دُرَيد: (الفأفأة: حُبسة اللسان).
          قوله: (لَنُـَذْرِيَنَّهُ): هو بفتح النون وتضمُّ، ثُلاثيٌّ ورُباعيٌّ.
          قوله: ({فَنَسِيَ}): موسى قولَ السامريِّ؛ أي: ترَكَ إلهَهُ عندكم، أو ضلَّ عنه، وقيل: نسي السامريُّ إيمانه، أو نسي ألَّا يُصدِّق في عبادة ما لا ينفع، أو نسي موسى أنَّ قومه يضلُّون بعده.
          قوله: (أَخْطَأَ الرَّبَّ): (الربَّ): منصوبٌ؛ لأنَّه مفعولُ (أخطأ).
          قوله: (لَا يُظْلَمُ فَيُهْضَمَ): (يُهضَم): مَبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعِلُهُ، وهو منصوب، ويجوز رفعُه، و(يُظلَم): مبنيٌّ أيضًا، ومعنى (يُهضَم): يُظلَم حقُّه، يقال: هَضَمَهُ واهْتَضَمَهُ(3)؛ إذا ظلمَه وكسرَ عليه حقَّه.
          قوله: ({هَوَى}: شَقِيَ): قال ابن قُرقُول: («شَقَى» _يعني: بفتح القاف_: كذا لكافَّتهم، ورواه بعضهم: «شَقِيَ» _يعني: بفتح الشين، وكسر القاف، وفتح الياء، قال_: وهو المعروف، وتلك لغة طيِّئ)، انتهى، ولغةُ (بعضٍ) [لغةُ] غير طيِّئٍ مِنَ القبائل.
          قوله: ({سُوًى}: مَنْصَفٌ): إن كسرتَ السين؛ فالمعنى: سِوى هذا المكان، وإن ضممتَ؛ فالمراد: نصفًا بيننا وبينك، أو وسطًا مستويًا يُبيَّن للناس ما يُعمَل فيه، وقيل: {سِوًى} و{سُوًى}؛ بالضمِّ والكسر: واحدٌ؛ مثل: عِدَى وعُدى، وقد قرأ عاصم، وابن عامر، وحمزة: {مَكَانًا سُوًى}؛ بضمِّ السين، والباقون: بكسرها، ووقف أبو بكر، وحمزة، والكسائيُّ: {سُوًى}، وفي (القيامة): {أَن يُتْرَكَ سُدًى}[القيامة:36]؛ بالإمالة، وورش وأبو عمرو على أصلهما؛ بين بين، والباقون: بالفتح على أصولهم، والله أعلم، فيقرأ: {سُوًى}؛ بالضمِّ على الراجح؛ لأجل التفسير الذي فسَّر به البُخاريُّ، والله أعلم.
          قوله: (مَنْصَفٌ): هو بفتح الميم، وإسكان النون، ثُمَّ صاد مهملة مفتوحة _كذا هو مضبوطٌ في أصلنا هنا بالقلم، وقد ذكرتُه فيما مضى_ ثُمَّ فاء. /


[1] في (أ): (فحذف)، والمثبت من مصدره.
[2] في (أ): (وأصله)، والمثبت من مصدره.
[3] في (أ): (وأهضمه)، والمثبت من مصدره.