التلقيح لفهم قارئ الصحيح

{والمرسلات}

          قوله: ({جُمَالَتٌ}[المرسلات:33]: حِبَالٌ): وفي نسخة: (حبال السُّفُنِ)، وكذا في آخِرِ هذه السورة: ({جِمَالَتٌ صُفْرٌ}[المرسلات:33]: حبال السفن، تُجمَع حتَّى تكون كأوساط الرجال)، انتهى، وهذا التفسير على قراءة شاذَّة؛ لأنَّ {جُمَالَتٌ} في أصلنا مضموم الجيم، مخفَّف الميم، وكذا رأيتها في نسخة أخرى صحيحة، وعليها: (خف)، و(الجُمَّل)؛ بضمِّ الجيم، وتشديد الميم: واحد حبال السفينة، وقد قرأ ابن عبَّاس ومجاهد: ▬حَتَّى يَلِجَ الْجُمَّلُ فِي سَمِّ الْخِيَاطِ↨، قال الزمخشريُّ في هذه السورة: (وقُرِئ: {جُمَالَتٌ}؛ بالضمِّ: وهي قلوس الجسور، وقيل: قلوس سفن البحر، الواحدة: جُمالة، وقُرِئ: {جِمَالَتٌ(1) } [بالكسر] بمعنى: جِمال، و▬جُمالة↨؛ بالضمِّ: وهي القلس)، انتهى.
          وذكر الإمام شهاب الدين السَّمين في «إعرابه» قراءاتٍ في هذه اللفظة، قال: (وقد قرأ ابن عبَّاس، والحسن، وابن جُبَير، وقتادة، وأبو رجاء؛ بخلافٍ عنهم كذلك _يعني: {جِمَالَتٌ} جمعًا لـ«جمالة»، و[يجوز] أن يكون جمعًا لـ«جمال»، فيكون جمع الجمع، ويجوز أن يكون جمعًا لـ«جَمَل» المفرد؛ كقولهم: رِجالات قريش_ قال: إلَّا أنَّهم ضمُّوا الجيم _يعني قرؤوا: {جُمَالَتٌ}؛ بضمِّ الجيم، وتخفيف الميم_ قال: وهي حبال السُّفُن، وقيل: قلوس الجسور، الواحدة: جُملة؛ لاشتمالها على طاقات الحبال، وفيها وجهان: أحدهما: أن يكون {جُمَالَتٌ} جمعَ «جُمال»، وجُمال: جمع «جُملة»، كذا قال الشيخ _يعني: أبا حيَّان شيخَه_ قال: ويحتاج _في إثبات أنَّ «جُمالًا»؛ بالضمِّ: جمع «جُملة»؛ بالضمِّ_ إلى نَقْلٍ، والثاني: أنَّ {جُمَالَتٌ}: جمع «جُمالة»، قاله الزمخشريُّ، وهو ظاهرٌ، وقرأ ابن عبَّاس والسُّلَمِيُّ وأبو حَيْوَة(2): ▬جُمالة↨؛ بضمِّ الجيم، وهي دالَّة لما قاله الزمخشريُّ آنفًا)، انتهى.
          وقال شيخنا: (و{جِمَالَتٌ}؛ بكسر الجيم، وقيل: بالضمِّ: إبل سود، واحدها: جُمالة، وجُمالة: جمع «جمل»، وقُرئ: {جِمَالَتٌ }(3)؛ على التوحيد، وقُرِئ بضمِّهما) ثُمَّ ذكر بعض كلام الهرويِّ الآتي، ثُمَّ قال: (وذكر الفرَّاء فيما حكاه ابن فارس: أنَّ «الجُمالات» ما جُمِع من الحبال؛ فعلى هذا تُقرَأ بالضمِّ، فيما ذكره مجاهد).
          وقال الهرويُّ في «غريبَيه» في قوله: {جِمَالَتٌ صُفْرٌ}: (ومَن قرأ: ▬جُمَّالات↨؛ ذهب إلى أنَّه الحبال الغلاظ، وقال مجاهد في قوله تعالى: ▬حَتَّى يَلِجَ الجُمَّل فِي سَمِّ الْخِيَاطِ↨: هو حبل السفينة، وهو قلوس، الواحد: قَلْس، قال ابن عرفة: وهذا كلام العرب إذا أرادوا اليأس من الشيء؛ مَثَّلُوه)، انتهى، والله أعلم.
          قوله: (وَسُئِلَ ابْنُ عَبَّاسٍ: {لَا يَنطِقُونَ}[المرسلات:35]...) إلى آخره: تَقَدَّم الكلام على سائله في (فصلت) [خ¦65-7059].


[1] في (أ) مضبوطًا: (جُمالة)، والمثبت من مصدره.
[2] في (أ) مضبوطًا: (خَيْرة)، والمثبت من مصدره، وهو موافق لما في «البحر».
[3] في (أ) مضبوطًا: (جُمالة)، ولعل المثبت هو الصواب، لقوله لاحقًا: (وقرئ بضمهما).