التلقيح لفهم قارئ الصحيح

سورة الأعراف

          (سُورَةُ الأَعْرَافِ)... إلى (الأَنْفَالِ)
          قوله: (قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: ▬وَرِيَاشًا↨: الْمَالُ): هي قراءةٌ، قال شيخُنا: (قراءة عاصمٍ)؛ يعني: خارج «الشاطبية» و«التيسير»، قال شيخُنا: (ورسولِ الله صلعم، قال أبو حاتم: رواها عنه عثمان بن عفَّان)، انتهى.
          قال الشيخ الإمام النَّحْويُّ البارع شهاب الدين السَّمين في «إعرابه»: (وقرأ عثمان، وابنُ عبَّاس، والحسنُ، ومجاهد، وقتادة، والسُّلَميُّ، وعليُّ بن الحسين، وابنُه زيد، وأبو رجاء، وزِرُّ بن حُبيش، وعاصم وأبو عَمرو في رواية عنهما: ▬وَرِيَاشًا↨)، انتهى، و(الريش): القراءة المشهورة، وسيجيء قريبًا أنَّ («الرِّياش» و«الرِّيش» واحدٌ، وهو ما ظهر مِنَ اللِّباس)، انتهى، و(الريش): اللباس والنعيم، وقيل: الزينة، والجمال، و(الرياش): المال، كما نقله عَنِ ابن عبَّاس، وقيل: إنَّه يحتمل أن يكون جمعَ (ريش)؛ كذئب وذِئاب، وقيل: الرياش: الأثاث، وما ظهر مِنَ المتاع، والله أعلم.
          قوله: ({عَفَواْ}: كَثُرُوا وَكَثُرَتْ أَمْوَالُهُمْ): اعلم أنَّ (عفا) مِنَ الأضداد، فيستعمل بمعنى: كثُر [وبمعنى درس وذهب]، وهي هنا بمعنى: كثُر، كما قال، والله أعلم.
          قوله: (أَخَذَا الْخِصَافَ): (الخِصاف)؛ بكسر الخاء المعجمة، وهذا ظاهرٌ.
          قوله: (وَمَشَاقُّ الإِنْسَانِ وَالدَّابَّةِ كُلُّهَا تُسَمَّى(1) سُمُومًا): (مَشَاقُّ): بفتح الميم، وبالشين المعجمة المخفَّفة، وبعد الألف قاف مشدَّدة، وفي أصلنا: (كلُّهم)، وهي في الهامش، وعليها (صح)، وفي رواية: (كلُّها)، وعليها علامة راويها، وهي الجادَّة، والأفصحُ: كلُّهنَّ؛ لأنَّها دون العشرة، ويجوزُ (كلُّها).
          قوله: (تُسَمَّى سُمُومًا، وَاحِدُهَا: سَمٌّ)، اعلم أنَّ (السَّمَّ): الثَّقْبُ، ومنه: {سَمِّ الْخِيَاطِ}[الأعراف:40]، وسُموم الإنسان، وسِمامه؛ بكسرها، وهي ما ذكرها البُخاريُّ هنا، الواحد: سَمٌّ وسُمٌّ؛ بفتح السين وضمِّها.
          قوله: (مَا غُشُوا(2) بِهِ): هو بضمِّ الغين والشين المخفَّفة المُعجَمتَين.
          قوله: (القُمَّلُ: الْحُمْنَانُ) هو بضمِّ الحاء المهملة، كذا في أصلنا، وفي نسخة الدِّمْياطيِّ الحافظِ: بكسرها، وكذا قيَّده بعضُهم، ثُمَّ ميم ساكنة، ثُمَّ نونان، بينهما ألف، قال الجوهريُّ: (والحَمْنانة: قُراد، قال الأصمعيُّ: أوَّله قَمْقامةٌ صغيرٌ جدًّا، ثُمَّ حَمْنانة، ثُمَّ قُراد، ثُمَّ حَلَمة، ثُمَّ عَلٌّ وطِلْحٌ).
          قوله: (يُشْبِهُ صِغَارَ الْحَلَمِ): (الحَلَم): بفتح الحاء المهملة واللام، جمع حَلَمة؛ بفتحهما، قال الجوهريُّ: (والحَلَمَة: القُراد العظيم، وهو مثل: العلِّ، وجمعها: حَلَم).
          قوله: ({سُقِطَ}: كُلُّ مَنْ نَدِمَ فَقَدْ سُقِطَ فِي يَدِهِ): قال الجوهريُّ: (وسُقِطَ في يديه؛ أي: ندِم، ومنه قوله ╡: {وَلَمَّا سُقِطَ فَي أَيْدِيهِمْ}[الأعراف:149]، قال الأخفش: وقرأ بعضُهم: ▬سَقَط↨؛ كأنَّه أضمر الندم، وجُوِّز: أُسْقِط في يديه، وقال أبو عَمرو: لا يقال: «أُسقِط»؛ بالألف على ما لم يُسَمَّ فاعلُه، وأحمد بن يحيى مثله)، انتهى.
          قوله: ({يَعْدُونَ}؛ يَتَعَدَّوْنَ: يُجَاوِزُونَ، {تَعْدُ}: تُجَاوِزْ): {تَعْدُ}: في أصلنا بإسكان العين، وضمِّ الدال، فـ(تجاوِزْ) على هذا: بكسر الواو، وهو فعلٌ مستقبلٌ مجزومٌ، وفي أصل آخَرَ صحيحٍ: (تَعَدَّ): بفتح التاء والعين والدال المشدَّدة، فعلى هذا (تُجاوزْ): فعل أمر، فإن أراد التي في هذه السورة؛ فكان ينبغي أن يقول: (تعدو)، فعل مضارع مرفوع، ولا يجزمُه، وإن أراد التي في الكهف: {وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ}[الكهف:28]؛ فهذه مجزومة بالنهي، وهذه أليقُ بما في أصلنا، ويكون أراد هذه، والله أعلم. /
          قوله: ({وَخِيفَةً}: خَوْفًا، {وَخُفْيَةً}: مِنَ الإِخْفَاءِ): مِنَ الخوف: {خِيفَةً}؛ بكسر الخاء، ومِنَ الإخفاء: {وَخُفْيَةً}، وهذا ظاهرٌ.
          قوله: (الآصَالُ: وَاحِدُهَا: أَصِيلٌ؛ وَهُوَ مَا بَيْنَ الْعَصْرِ إِلَى الْمَغْرِبِ): اعلم أنَّ (الأصيلَ) كما قاله: مِنَ العصر إلى المغرب، وجمعه: أُصُلٌ، وآصالٌ، وأصائلُ؛ كأنَّه جمع أَصِيلة، ويجمع أيضًا على أُصْلَان؛ مثل: بعير وبُعران، ثُمَّ صغَّروا الجمع فقالوا: أُصَيْلانُ، ثُمَّ أبدلوا مِنَ النون لامًا، فقالوا: أُصيلال(3)، وحكى اللِّحيانيُّ لقيتُه أُصَيْلالًا وأُصَيْلانًا.


[1] كذا في (أ) وهامش (ق)، وهي رواية أبي ذرٍّ وأبي الوقت، ورواية «اليونينيَّة» وهامش (ق) أيضًا مصحَّحة: (كلُّهم يُسمَّى).
[2] كذا في (أ) و(ق) وعليها: (خف)، ورواية «اليونينيَّة»: (غُشُّوا).
[3] في (أ): (أصيلان)، ولعلَّ المُثبَت هو الصَّواب.