التلقيح لفهم قارئ الصحيح

سورة الحجر

          قوله: ({يُهْرَعُونَ}: مُسْرِعِينَ): هذا في (سورة هود)، لا في هذه السورة، وفيه تجوُّز؛ لأنَّ {يُهْرَعُونَ}؛ أي: يسرعون، فعَبَّر عنه باسم الفاعل مجموعًا، والإهراع: الإسراع، وقد جاء في القرآن مبنيًّا لما لم يُسَمَّ فاعلُه، قال أبو عبيدة: (يُسْتَحَثُّونَ إليه)، كأنَّه يحثُّ بعضُهم بعضًا، وأُهْرِع الرجلُ؛ على ما لم يُسَمَّ فاعلُه، فهو مُهْرَعٌ؛ إذا كان يُرْعَد من غضبٍ، أو حمًّى، أو فَزَعٍ، وقد قدَّمتُ فيه كلامًا [خ¦60/16-5184]؛ فانظره.
          قوله: ({لَوَاقِحَ}: مَلَاقِحَ): قال الجوهريُّ: (ألقحَ(1) الفحلُ الناقةَ، والريحُ السحابَ، ورياحٌ لواقحُ، ولا يقال: ملاقِح، وهو مِنَ النوادر، وقد قيل: الأصل فيه: مُلْقِحَة(2)، ولكنَّها لا تُلقِح إلَّا وهي في نفسها لاقح؛ كأنَّ الرياح لَقِحَتْ بخيرٍ، فإذا أنشأت السحابَُ(3) وفيها خيرٌ؛ وصل ذلك إليه)، انتهى، وفي «القاموس»: (وألقحتِ الرياحُ الشجرَ، فهو لواقح وملاقح)، انتهى، فهذا يؤيِّد ما قاله البُخاريُّ، قال ابن قُرقُول: (قول البُخاريِّ في تفسير {لَوَاقِحَ}: «ملاقِح»: هو أحد الأقوال؛ بمعنى: مُلْقِحة، أو ذوات لقح؛ أي: تُلقِح الشجرَ والنبات، وتأتي بالسحاب، وقيل: {لَوَاقِحَ}: حاملات للسحاب؛ كما تحمل الناقةُ)، انتهى.
          قوله: ({حَمَإٍ}: جَمَاعَةُ حَمْأَةٍ، وَهُوَ الطِّينُ الْمُتَغَيِّرُ) انتهى، وكذا قال غيره: إنَّ (حمأً): جماعة حَمْأة، لكن في «صحاح الجوهريِّ» ما لفظه: («الحمأ»: الطِّين الأسود، قال تعالى: {مِّنْ حَمَإٍ مَّسْنُونٍ}، وكذلك الحمْأة؛ بالتسكين: واحد)، وفي «القاموس»: («الحَمْأة»: الطِّين الأسود المُنتِنُ؛ كالحَمَأِ؛ محرَّكةً)، فمقتضى كلامهما أن يكون الحَمَأُ والحَمْأَة واحدًا(4)، والله أعلم.


[1] في (أ): (لقح)، والمثبت من مصدره.
[2] في (أ): (مُلقَحة)، بفتح القاف بخطِّ المؤلِّف، ولعلَّ المثبت هو الصواب.
[3] كذا ضُبِط في (أ) بخطِّ المؤلِّف.
[4] في (أ): (واحد)، ولعلَّ المُثبَت هو الصَّواب.