التلقيح لفهم قارئ الصحيح

سورة يوسف

          (سُورَةُ يُوسُفَ) إلى (سُورَة {سُبْحَانَ})
          قوله: (وَقَالَ فُضَيْلٌ عَنْ حُصَيْنٍ): هو بضمِّ الفاء، وفتح الضاد المعجمة؛ وهو ابن عياضٍ، التميميُّ الخُرَاسانيُّ الزاهدُ، عن منصور، وحصين، وصفوانَ بنِ سُلَيم، وخلقٍ، وعنه: القطَّان، وابن مهديٍّ، ولُوَين، وخلقٌ، ثِقةٌ رفيعُ الذِّكر، مات في المحرَّم سنة ░187هـ▒، جاوز ثمانين سَنةً، أخرج له البُخاريُّ، ومسلمٌ، وأبو داود، والتِّرْمِذيُّ، والنَّسائيُّ، قال الذهبيُّ: (مُجمَعٌ على ثقته وجلالته، ولا عبرةَ بما رواه ابن أبي خيثمة قال: «سمعتُ قُطْبة بن العلاء يقول: تركتُ حديثَ فُضَيل بن عياض؛ لأنَّه روى أحاديثَ أزرى فيها على عثمان ☺»، _قال الذهبيُّ:_ فمَن قطبة؟! وما قطبة حتَّى يُجرِّح وهو هالك؟!).
          تنبيهٌ: قال في «الميزان»: (قُطْبة بن العلاء، قال البُخاريُّ: «ليس بالقويِّ»، وقال ابن حبَّان: «كان يُخطِئ كثيرًا، فعُدِل به عن مسلك الاحتجاج به»، وقال ابن عَدِيٍّ: «أرجو أنَّه لا بأس به»)، انتهى كلامه في «الميزان»، ولم يذكر فيه أنَّه هالكٌ.
          تنبيهٌ آخر: لهم شخصٌ آخرُ يُقال له: الفضيل بن عياض الخولانيُّ، لايُدرى مَن ذا؟ ولهم آخرُ يُقال له: الفُضَيل بن عياض الصدفيُّ بمصر، قال الذهبيُّ: (فهذا ما علمتُ به بأسًا).
          و(حُصَين): هو بضمِّ الحاء وفتح الصاد المُهْمَلَتَين، ابن عبد الرَّحمن، تَقَدَّم [خ¦595].
          قوله: (▬مُتْكًا↨: الأُتْرُجُّ): (مُتْكًا): هو بضمِّ الميم، وإسكان المثنَّاة فوق، منوَّن الآخر، وكذا قوله: (بِالْحَبَشِيَّةِ مُتْكًا)، وكذا قوله: (عَنْ رَجُلٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ: ▬مُتْكًا↨: كُلُّ شَيْءٍ قُطِعَ بِالسِّكِّينِ)، ضبْطُه واحدٌ، / وهي قراءة شاذَّة، قال الفرَّاء: (حدَّثني شيخٌ مِن ثقات أهل البصرة: أنَّه الزُّمَّاوَرْدُ)، قال بعضُهم: هو الأُتْرُجُّ، حكاه الأخفش، والزُّمَّاوَرْد معرَّب، والعامَّة تقول: بزْمَاوَرْد، قال ابن قُرقُول: (ذكر البُخاريُّ: «المُتَّكأ»، وأنكر قولَ مَن قال: إنَّه الأُتْرُجُّ، وقد قُرِئ: ▬مُتْكًا↨، وقد قيل: إذا ثُقِّل؛ فهو الطعام، وإذا خُفِّف؛ فهو الأُتْرُجُّ، وقيل: الزُّمَّاوَرْد، وقيل: بالتشديد هو المرافق المتَّكأُ عليها(1)، وهو الذي رجَّح البُخاريُّ، وقال: إنَّما «المُـَـِتَّك»: طَرَف البَظْر قُيِّد بالضمِّ والفتح والكسر، وامرأةٌ مَتْكَاء: غير مخفوضةٍ، ويقال: لا تمسك بولها)، انتهى لفظه.
          قوله: (وَلَيْسَ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ الأُتْرُجُّ): قال ابن قُرقُول: (يعني: أنَّه لا يعرف ذلك في تفسير «المتْك»، لا أنَّه أنكر اللَّفظة)، انتهى، وهذا أحسنُ ممَّا قال شيخُنا: (قلتُ: ودعوى أنَّ ذلك ليس في كلام العرب مِنَ الأعاجيب، فقد قال في «المحكم»: «المتْك: الأُتْرُجُّ، وقيل: الزُّمَّاوَرْد»، وهو ما في «الصحاح» عن حكاية الفرَّاء، وعَنِ الأخفش: هو الأُتْرُجُّ، قال في «الجامع»: المتك: الأُتْرُجُّ، وأنشد عليه شعرًا، واحده: متكة، وأهل عُمَان يسمُّون السوسنَ المتكَ، وأمَّا أبو حنيفة الدِّينوَريُّ؛ فزعم أنَّ المُتك _بالضمِّ_ الأترجُّ، قال: وقرأ قومٌ هذا الحرف بالإسكان، وقالوا: هو الأترجُّ، وكذلك قال ابن عبَّاس، وذكر أنَّ الذي بالفتح هو السوسن، وبنحوه ذكره أبو عليٍّ القاليُّ، وابن فارس [في] «المجمل»، وغيرُهما)، انتهى.
          و(الأُتْرُجُّ): بضمِّ الهمزة، ثُمَّ مثنَّاة فوق ساكنة، ثُمَّ راء مضمومة، ثُمَّ جيم مشدَّدة، وفي نسخة: (▬متْكًا↨: الأُترنج)، انتهى، يقال في الواحدة: أُتْرُجَّة وأُتْرُنجة، وحُكِيَ أيضًا: تُرُنْجة لغة ثالثة، والأُترجَّة أفصحُ، وأترنجة: ليست في «الصحاح» للجوهريِّ، ولا في «القاموس» لشيخنا مجدِ الدين على ما جمعه، وهي في «المطالع» لابن قُرقُول، وأمَّا قوله: {وَأَعْتَدَتْ لَهُنَّ مُتَّكَأً}[يوسف:31]؛ قيل: مجلسًا للطعام، وقيل: طعامًا، وقيل: هو كلُّ ما يُحَزُّ؛ لأنَّه في الغالب يؤكل على متَّكأٍ، وقيل: بطيخًا وموزًا، وقيل: أُتْرُجًّا وعسلًا يؤكل به، وقيل: زُمَّاوَرْد، والله أعلم ما كان.
          قوله: (قَالَ فُضَيْلٌ): تَقَدَّم أنَّه ابن عياض رحمة الله عليه.
          قوله: (بِالْحَبَشِيَّةِ): يعني: أنَّه وافقت الحبشيَّةُ لغةَ القرآن العربيَّةَ.
          قوله: (وَقَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ: عَنْ رَجُلٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ): هذا الرجلُ لا أعرفه، وقال بعض حُفَّاظ مِصْرَ مِنَ المعاصرين: (هو منصور بن المعتمر).
          قوله: (وَ{الْجُبِّ}: الرَّكِيَّةُ الَّتِي لَمْ تُطْوَ): كذا أيضًا في «صحاح الجوهريِّ»، وفي «القاموس»: (والجُبُّ: البئرُ، أوِ الكثيرةُ الماءِ البعيدةُ القعرِ، أوِ الجيِّدةُ الموضعِ مِنَ الكلأ، أوِ التي لم تُطوَ، أو ممَّا وُجِد [لا] ممَّا حفر النَّاس)، انتهى.
          قوله: (وَقَالَ بَعْضُهُمْ: وَاحِدُهَا شَدٌّ): بيَّض بعض حفَّاظ المِصْريِّين له، قال ابن قُرقُول: («واحدُها: شُدٌّ»؛ بالضمِّ، كذا لهم، وعند المهلَّب بالفتح، وكذلك حكى أبو عُبَيدة بالضمِّ، ولم ينكرِ الفتحَ، وحكى غيرُه اللُّغتَين، قال الهرويُّ: هو جمع «شِدَّة»؛ أي: قوَّة وغاية، قال ابن عبَّاس: هو ثلاث وثلاثون سَنةً، والاستواء: أربعون، وقيل: الأشُدُّ: الحلم، وقيل: أوَّله مِن خمسةَ عشرَ عامًا، وقيل: ثمانية عشر)، انتهى، قال الجوهريُّ: ({أَشُدَّهُ}: قوَّتَه، وهو ما بين ثماني عشرة سنةً إلى ثلاثين، وهو واحدٌ جاء على بناء الجمع؛ مثل: آنُك؛ وهو الأُسْرُبُّ، ولا نظيرَ لهما، ويقال: هو جمعٌ لا واحدَ له مِن لفظه؛ مثل: آسالٍ، وأبابيل، وعباديد، ومذاكير، وكان سيبويه يقول: واحدُه «شِدَّةٌ»، وهو حسن في المعنى؛ لأنَّه يقال: بلغ الغُلام(2) شدَّته، ولكن لا تُجمَع «فِعْلةٌ» على «أفعُلٍ»، وأمَّا «أنعُم»؛ فإنَّما هو جمع «نُعْمٍ»، مِن قولهم: «يوم بُؤْسٍ، ويوم نُعْمٍ»، وأمَّا قول مَن قال: واحده: «شَدٌّ»؛ مثل: كَلْب وأَكْلُب، أو «شِدٌّ»؛ مثل: ذِئْب وأَذْؤب؛ فإنَّما هو قياسٌ، كما يقولون في واحد الأبابيل: إِبَّوْلٌ؛ قياسًا على عِجَّوْل(3)، وليس هو شيءٌ سُمِع عَنِ العرب)، انتهى، وقال غيره: {أَشُدَّهُ}: مُنتهاه في قوَّته وشبابه، وآخره أربعون سَنةً، وقيل: خمسون، وقيل: ستُّون.
          قوله: (وَأَبْطَلَ الَّذِي قَالَ: الأُتْرُجُّ): قال بعض حفاظ المِصْريِّين: (قال أبو عُبَيدة في «المجاز»: «زعم قومٌ أنَّه التُّرنج، وهذا أبطل باطلٍ في الأرض، ولكن عسى أن يكون معَ المتَّكأ تُرُنْجٌ [يأكلونه]»)، انتهى.
          قوله: (فَقَالُوا: إِنَّمَا هُوَ الْمُتْكُ، سَاكِنَةَ التَّاءِ، وَإِنَّمَا الْمُـَـِتْكُ طَرَفُ الْبَظْرِ): تَقَدَّم أعلاه أنَّ (المتْك) هنا مثلَّث الميم، ساكن التاء.
          قوله: (وَمِنْ ذَلِكَ قِيلَ لَهَا: مَتْكَاءُ وَابْنُ الْمَتْكَاءِ): (المَتْكاء): بفتح الميم، وإسكان التاء فوق، وفي آخره همزة ممدودة، والمتكاء مِنَ النِّساء: التي لم تُخفَض.
          قوله: (إِلَى شِغَافِهَا؛ وَهُوَ غِلَافُ قَلْبِهَا): (الشِّغاف): بكسر الشين المعجمة، كذا في أصلنا بالقلم، وفي «الصحاح»: بفتح الشين بالقلم، قال شيخُنا: (بفتح الشين، كما في كتب اللُّغة، وضبطه المحدِّثون بكسرها)، انتهى.
          قوله: (وَأَمَّا ▬شَعَفَهَا↨؛ فَمِنَ الْمَشْعُوفِ): هذا اللفظ ثابتٌ في بعض أصولي، وهو في أصلنا القاهريِّ، وهو بالشين المعجمة، والعين المهملة، قال ابن قُرقُول في (الشين المعجمة والعين المهملة): («وأمَّا شَعفها فمِنَ(4) المشعوف»: العربُ تقول(5): فلان مشعوف بفلانة؛ أي: برَّح(6) به حبُّها، ومنه: ▬قَدْ شَعَفَهَا حُبًّا↨)، وقال في (الشين والغين المُعجَمتَين): ({شَغَفَهَا حُبًّا}، وشَغفة القلب: أعلاه، وهو مُعلَّق النِّياط، قال أبو عُبَيد: «المشغوف: الذي بلغ حبُّه شغاف قلبه، وبالمهملة: الذي خلص الحبُّ إلى قلبه وأحرقه»، ويكون بمعنى: أفزعني وراعني، قال الهرويُّ: «الشعف: الفزع حتَّى يذهبَ بالقلب»)، انتهى، و▬شعفها↨؛ بالعين المهملة: قراءة الحسن، كما عزاها الجوهريُّ إليه.
          قوله: (الضِّغْثُ: مِلْءُ الْيَدِ مِنْ حَشِيشٍ): (الضِّغْث): بكسر الضاد، وإسكان الغين، المعجمتين؛ مثل: {وَخُذْ بِيَدِكَ ضِغْثًا}[ص:44].
          قوله: ({كَيْلَ بَعِيرٍ}: مَا يَحْمِلُ بَعِيرٌ): قال مجاهد: أراد: كيلَ حمار، وقال بعض العرب: يقال للبعير: حمار، وهذا شاذٌّ، قال ابن خالويه: وذلك أنَّ يعقوب وإخوةَ يوسف كانوا بأرض كنعان، ولم يكن هناك إبلٌ، وكذا قال مقاتل بن سليمان، وفي «زبور داود»: البعير: كلُّ ما يُحمَّل، ويقال لكلِّ ما يُحمَّل بالعبرانيَّة: بعير، قال ابن خالويه: وهذا حرفٌ نادرٌ ألقيتُه على المتنبِّي بين يدَي سيف الدولة، ولم يأت بحُجَّة؛ لأنَّ المقالة لم تكن بأرض كنعان، بل بأرض مصر، وما حكاه عن «الزَّبور» لا سبيل إلى إثباته؛ لثبوت التغيير، والله أعلم، قال ابن عبد السلام في «تفسيره»: {حِمْلُ بَعِيرٍ}[يوسف:72]؛ لأنَّه كان يُكَال، وقيل: حمل حمار، وهي لغة، انتهى.


[1] في (أ) تبعًا لمصدره: (متكأ)، والمثبت مستفاد من «مشارق الأنوار» ░2/43▒.
[2] في (أ): (العالَم)، والمثبت من مصدره.
[3] في (أ): (أَبَّوْل... عَجَّول) كذا ضبطهما المؤلِّف بالقلم، ولعلَّ المثبت هو الصواب.
[4] في (أ): (من)، ولعلَّ المثبت هو الصواب.
[5] في (أ): (القرب يقال)، والمثبت من مصدره.
[6] في (أ): (ترَّح)، والمثبت من مصدره.