التلقيح لفهم قارئ الصحيح

{تبارك الذي بيده الملك}

          (سُورَة المُلْكِ)... إلى ({وَالضُّحَى})
          قوله: (وَالتَّفَاوُتُ وَالتَّفَوُّتُ وَاحِدٌ): هما قراءتان في السبع، قرأ حمزة والكسائيُّ: التَّفوُّت، وقرأ الباقون: بالألف، وقوله: (التَّفَاوُتُ: الاخْتِلَافُ)، وقيل: الاعوجاج والتناقُض، والتفاوت والتفوُّت بمعنًى؛ كالتعهُّد والتعاهد، قال في «القاموس»: (وتفاوت الشيئان: تباعد ما بينهما تفاوتًا؛ مثلَّثة الواو...) إلى أن قال: ({مَّا تَرَى فِي خَلْقِ الرَّحْمَنِ مِن تَفَاوُتٍ}[الملك:3]؛ أي: عيب، يقول الناظر: لو كان كذا؛ لكان أحسن)، وكأنَّ التفاوت والتفوُّت واحدٌ مِن حيث المعنى؛ لأنَّ التفاوت: التَّباعد، والتفوُّت: العيب، وهو تباعد ما بينه وبين السَّليم، فبهذا يظهر أنَّهما واحدٌ على ما قالا، والله أعلم.
          قوله: ({تَدَّعُونَ}[الملك:27]، {تَدَّعُونَ}): الأولى: متواترة؛ بتشديد الدال المهملة المفتوحة، والثانية: بإسكان الدال، وهي قراءة يعقوب، وهي في العشرة، ويعقوب: هو ابن إسحاق بن زيد بن عبد الله بن أبي إسحاق الحضرميُّ مولاهم، البصريُّ، أبو محمَّد المقرئ النَّحويُّ، أحد الأئِمَّة الأعلام، عن جدِّه زيد، وشعبة، وحمَّاد بن سلمة، وجماعة، وعنه: آخرون، قال أحمد وأبو حاتم: (صدوق)، وقيل: مات في ذي الحجَّة سنة خمس ومئتين، أخرج له مسلم، وأبو داود، والتِّرمذيُّ في «الشَّمائل»، والنَّسائيُّ، وابن ماجه.
          قوله: (مِثْلُ: {تَذَكَّرُونَ}[الأنعام:152] وَتَذْكُرُونَ)؛ يعني: بالتشديد والتخفيف؛ كلاهما بالمثنَّاة فوق، وقد قرأ حفصٌ، وحمزة، والكسائيُّ: {تَذَكَّرُونَ}؛ بتخفيف الذال حيث وقع إذا كان بالمثنَّاة فوق، والباقون: بتشديدها، والله أعلم.
          تنبيه: نقل البغويُّ في أوَّل «تفسيره» الاتِّفاقَ على جواز القراءة بقراءة يعقوب وأبي جعفر؛ لشهرتهما، انتهى.
          تنبيه آخر: في القراءة الشاذَّة: قال النَّوويُّ: (وقُرِئ بالقراءات السبع، ويصحُّ بالقراءة الشاذَّة إن لم يكن فيها تغيير معنًى، ولا زيادة حرف ولا نقصانه)، وقال في «شرح المُهذَّب»: (إنَّه لا يجوز في صلاة ولا في غيرها)، وفي «فتاوى موهوب الجزريِّ»: (إنَّ القراءة بالشاذِّ جائز مطلقًا إلَّا في الفاتحة للمصلِّي)، وذكر ابن الحميريِّ المصريُّ في «فتاويه» نحوه أيضًا، إلَّا أنَّه أطلق المنع في الصلاة)، انتهى، والذي أعرفه تحريم القراءة بالشواذِّ مطلقًا في الصلاة، وغيرها، غيرَ إن كان في الصلاة، فإن زاد حرفًا، أو نقص حرفًا، أو غيَّر معنًى؛ بطلت، وقد أطبق علماء بغداد على المنع من القراءة بالشواذِّ في قصَّة ابن شُنبوذ، وقد ذكر هذا غيرُ واحد من العلماء، والله أعلم.
          قوله: ({صَافَّاتٍ}[الملك:19]: بَسْطُ أَجْنِحَتِهِنَّ): (بَسْط): بفتح الموحَّدة، وإسكان السين، وبالطاء المهملتين، و(أجنحتهنَّ): مجرور بالإضافة، وفي نسخة أخرى: (بُسُطٌ أجنحتُهنُّ)؛ بضمِّ باء (بُسُط) وسينها، وتنوين الطاء؛ مرفوعة، و(أجنحتهنَّ): مرفوع أيضًا، وهذا كلُّه ظاهر.
          قوله: ({وَنُفُورٍ}[الملك:21]: الْكُفُورُ): هو بضمِّ الكاف في أصلنا، وفي نسخة الدِّمْياطيِّ: بفتحها، و(الكَفور): بالفتح معروف، وبالضمِّ، قال الجوهريُّ: (والكفر أيضًا: جحود النعمة، وهو ضدُّ الشُّكر، وقد كَفره كُفورًا وكُفرانًا، قال تعالى: {إِنَّا بِكُلٍّ كَافِرُونَ}[القصص:48]؛ أي: جاحدون، وقوله تعالى: {فَأَبَى الظَّالِمُونَ إَلاَّ كُفُورًا}[الإسراء:99]، قال الأخفش: [هو جمع] «الكُفر» مثل: بُرد وبرود).