التلقيح لفهم قارئ الصحيح

{هل أتى على الإنسان}

          قوله: (يُقَالُ: مَعْنَاهُ: أَتَى عَلَى الإِنْسَانِ): وفي نسخة الدِّمْياطيِّ: (قال يحيى: معناه: أتى على الإنسان)، قال الدِّمْياطيُّ هنا: («يحيى» هذا: أبو زكريَّا يحيى بن زياد بن عبد الله بن منصور الديلميُّ الفرَّاء)، انتهى، وقد ذكرت في (سورة الصفِّ) بعض كلام في ترجمته؛ فانظره، ووفاته [خ¦4895].
          قوله: (وَ«هَلْ»: تَكُونُ جَحْدًا): قال شيخنا: (هذا فيه تجوُّز، وإنَّما الاستفهام في الحقيقة استعلامٌ للفائدة، واستطلابها ممَّن يعلمها)، انتهى، وقد ذكر الإمام الأستاذ جمال الدين ابن هشام القاهريُّ في كتابه «المغني» في (هَلْ) كلامًا طويلًا، ومنه: أنَّها تأتي المرادُ بالاستفهام بها النفيُ، والله أعلم، وقال بعض حفَّاظ العصر في {هَلْ أَتَى}[الإنسان:1] إلى آخر كلامه: (هو كلام يحيى بن زياد الفرَّاء في «معاني القرآن»).
          قوله: (وَيُقَالُ: {سَلَاسِلَا وَأَغْلَالًا}[الإنسان:4]): اعلم أنَّه قرأ نافع والكسائيُّ وأبو بكر وهشام: {سَلَاسِلَا}؛ بالتنوين، ووقفوا بالألف عوضًا منه، والباقون: بغير تنوين، ووقف حمزة وقُنبل وحفص _قال أبو عمرو: (ومن قراءتي على أبي الفتح_ بغير ألف، وكذا قال النقَّاش عن أبي ربيعة عن البزيِّ، وعن الأخفش عن ابن ذكوان قال أبو عمرٍو: وكذلك قرأت في مذهبهما على الفارسيِّ، ووقف الباقون بالألف صلةً للفتحة)، انتهى كلام الدانيِّ في «تيسيره».
          قوله: (وَلَمْ يُجْرِ بَعْضُهُمْ): هو في أصلنا بضمِّ المثنَّاة تحت، وإسكان الجيم، وكسر الراء، قال ابن قُرقُول: («ولم يُجْرِ(1) بعضهم» أي: يصرفه، ولا نوَّنَه؛ كأنَّه لمَّا فعل ذلك؛ لم يُجْرِه في الإعراب مُجرى ما ينصرف، كذا رواه الأصيليُّ، ورواه الباقون: «يُجِزْه غيرُه»؛ من الجواز، وهما بمعنًى)، انتهى، وفي هامش أصلنا: (يُجِز)؛ مِن الإجازة، لكن بلا ضمير، وأخبرني بعض الفضلاء الغرباء: أنَّ بعض العصريِّين من المحدِّثين قال: إنَّ (بعضهم) هو حمزة؛ يعني: الزَّيَّات، والله أعلم، ثُمَّ إنِّي رأيت كلام بعض المحدِّثين ولفظه: (عنى بـ«بعضهم» حمزةَ الزَّيَّات، فإنَّه قرأ الجميعَ بالألف)، انتهى، وقد تَقَدَّم مَن قرأ بغير تنوين، وهو المراد، وهذا هو الظاهر.
          قوله: (إِلَى أَنْ يُنْفَخَ فِيهِ الرُّوحُ): (يُنفَخ): مَبنيٌّ لِما لم يُسَمَّ فاعِلُهُ، و(الرُّوحُ): مرفوع قائم مقام الفاعل.
          قوله: (وَقَالَ مَعْمَرٌ): كذا في أصلنا، وعليها علامة نسخة بإشارة إلى راويها، وهو بفتح الميمين، وإسكان العين بينهما، والذي يظهر لي أنَّه مَعْمَر بن المثنَّى، أبو عبيدة، صاحب اللغة، وسيأتي ما يعارضه، وابن المثنَّى تُوُفِّيَ سنة عشر ومئتين، قال الجاحظ: (لم يكن في الأرض خارجيٌّ ولا جماعيٌّ أعلمَ لجميع العلوم من أبي عبيدة)، وقال يعقوب بن شيبة: (سمعت ابن المدينيِّ يصحِّح رواية أبي عبيدة)، وقال المبرِّد: (كان أكملَ القوم)، وقال الدارقطنيُّ: (لا بأس به، إلَّا أنَّه يُتَّهم بشيء من رأي الخوارج، ويُتَّهم بالأحداث)، وقد ذكره ابن حبَّان في «ثقاته»، وفيه لأبي عبيد القاسم بن سلَّام توثيقٌ، وللأزهريِّ فيه كلام ذكره النوويُّ في «تهذيبه»، ولكنَّ شيخنا لمَّا عزا هذا الأثر؛ قال: (أخرجه عبد بن حميد، عن عبد الرزَّاق، عن مَعْمَر، عن قتادة، وذكره عن مجاهد وغيره بنحوه)، انتهى، فمقتضى هذا: أن يكون مَعْمَرَ بن راشدٍ، والله أعلم.
          قوله: (شِدَّةُ الْخَلْقِ): هو بفتح الخاء المعجمة، وإسكان اللام.
          قوله: (مِنْ غَبِيْطٍ قَتَبٍ): (الغَبِيْط): شيء تركبه النساء شبه المِحَفَّة، (الغَبِيْط): بفتح الغين المعجمة، ثُمَّ مُوَحَّدَة مكسورة، ثُمَّ مثنَّاة تحت ساكنة، ثُمَّ طاء مهملة، قال ابن قُرقُول في (الغين المعجمة): (الغبيط: من مراكب النساء؛ كالهودج)، انتهى، وكذا ذكرته لك عن أصلنا، ولكنَّه مكتوب عليه: (زائد)، وقال الجوهريُّ في (غبط): (والغَبِيْط: الرَّحْلُ، وهو للنساء، يُشَدُّ عليه الهودج، والجمع: غُبُط)، وفي «النِّهاية»: («كأنَّها غُبُط»: الغُبُط: جمع غَبِيْط؛ وهو الموضع الذي يُوطَّأ للمرأة من البعير؛ كالهودج، يُعمَل من خشب وغيرِه)، انتهى.
          قوله: (وَيَوْمٌ قُمَاطِرٌ): هو بضمِّ القاف، وتخفيف الميم، وبعد الألف طاء مهملة مكسورة، ثُمَّ راء، مصروفٌ؛ لأنَّه مفرد، يقال: يوم قمطرير، ويوم قُمَاطِر؛ ومعناه: شديد، وأمَّا (القِمَطْر)؛ [فهو] بكسر القاف، وفتح الميم، ثُمَّ طاء مهملة ساكنة، ثُمَّ راء، وجمعه: قَمَاطر؛ بفتح القاف، و(القِمَطْر) و(القِمَطرةُ): ما يُصان فيه الكتب، قال ابن السِّكِّيت: لا يقال بالتشديد، ويُنشَد من [السريع]:
ليسَ بعِلْمٍ مَا يَعِي القِمَطْرُ                     ما العِلْمُ إلَّا مَا وَعَاهُ الصَّدْرُ


[1] كذا في (أ)، وفي المطبوع من مصدره: (لم يجره).