التلقيح لفهم قارئ الصحيح

[غريب الآيات4-111]

          قوله: (وَقَالَ غَيْرُهُ: نَغَضَتْ سِنُّكَ): قال بعض الحُفَّاظ مِنَ المِصْريِّين المتأخِّرين: (هو قول أبي عُبَيدة في «المجاز»).
          قوله: (نَغَضَتْ سِنُّكَ؛ أَيْ: تَحَرَّكَتْ): (نَغَضَت): بفتح النون والغين والضاد المعجمتَين، ثُمَّ تاء التأنيث، (وسِنُّك): مرفوع فاعل، يقال: نغض رأسه، ينغُض، وينغِض؛ بالضمِّ والكسر في المستقبل، نغْضًا ونُغُوضًا؛ أي: تحرَّك، وأنغض رأسَه؛ أي: حرَّكه كالمُتعجِّب مِنَ الشيء، ومنه الآية: {فَسَيُنْغِضُونَ إِلَيْكَ رُؤُوسَهُمْ}[الإسراء:51]، ويقال أيضًا: نغض فلانٌ رأسَه؛ أي: حرَّكه، يتعدَّى ولا يتعدَّى، حكاه الأخفش.
          قوله: (وَالْقَضَاءُ عَلَى وُجُوهٍ...)؛ فذكر منها ثلاثةً: قال الأزهريُّ: (وقضى في اللُّغة على وجوهٍ مرجعُها إلى انقطاعِ الشيء وتمامِهِ، وكلُّ ما أُحكِم عملُه، أو أُتِمَّ، أو خُتِم، أو أُدِّيَ، أو وجَبَ، أو أُعلِم، أو أُنفِذ ومضى؛ فقد قُضِي، وقد جاءت هذه الوجوه كلُّها في الحديث)، انتهى، وقد رأيتُ أن أذكرَ ما حضرني مِن معاني (قضى)؛ فمنها: قضى؛ بمعنى: ختم، ومنه: {قَضَى أَجَلاً}[الأنعام:2]؛ أي: أتمَّه وختمه، وتأتي بمعنى: الأمر؛ كقوله: {وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ}[الإسراء:23]؛ أي: أمَرَ، وتأتي بمعنى: الإعلام؛ {قَضَيْنَا إِلَيْهِ ذَلِكَ الأَمْرَ}[الحجر:66]، وبمعنى: فصل في الحكم، ومنه: {لَقُضِيَ إِلَيْهِمْ(1) }[يونس:11]، و{لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ}[يونس:19]، ويأتي بمعنى: الفراغ؛ {ثُمَّ اقْضُواْ إِلَيَّ}[يونس:71]؛ وبمعنى: أَنفِذْ وأمضِ؛ كقوله: {فَاقْضِ مَا أَنتَ قَاضٍ}[طه:72]؛ وبمعنى: الانفصال والخروج عَنِ الشيء، ومنه: قضى دَينَه، والله أعلم.
          قوله: ({حَصِيرًا}: مَحْبِسًا مَحْصِرًا): (مَحبِسًا): بفتح الميم، وإسكان الحاء المهملة، ثُمَّ مُوَحَّدَة مكسورة، ثُمَّ سين مهملة أيضًا، ولم يتعرَّض شيخُنا إلَّا للموحَّدة، فقال: (إنَّها مكسورة)، انتهى، وضبطها غيرُ شيخنا: بفتح الميم وكسر الموحَّدة، وكذا في نسختي مِن «صحاح الجوهريِّ» بالقلم، وهي صحيحةٌ جدًّا، وبخطِّ شيخنا أبي جعفر في نسخته مفتوح الباء بالقلم، وهو القياس؛ لأنَّه مكان الحبس، والمكان بالفتح، ويأتي بالكسر في بعض الألفاظ أيضًا؛ كـ(مطلِع) وغيرِه، قال شيخنا بعد تقييدها كما ذكرتُه عنه: (والأحسن سكونها؛ مثل: كذا وكذا)، فذكر شيئًا لا يتحرَّر مِن سقم النسخة، انتهى.
          و(مَحْصِرًا): بفتح الميم، وإسكان الحاء وكسر الصاد المهملتَين، ثُمَّ راء، كذا في أصلنا بالقلم، وهو الظاهر، وقال شيخنا: (و«محصرًا» بفتح الصاد؛ لأنَّه مِن حصر يحصر)، انتهى.
          قوله: (يُرْمَى بِهِ): هو بضمِّ أوَّله، وفتح الميم، مبنيٌّ لِما لمْ [يُسَمَّ] فاعلُه.
          قوله: (وَجَمْعُهُ(2): تِيَرَةٌ وَتَارَاتٌ): قال ابن قُرقُول: (قول البُخاريِّ: «تارة: جمعه(3) تِيَرَة وتارات»، كذا(4) للمهلَّب وغيرِهِ، وفي أصل الأصيليِّ: «تِيَرٌ وتاراتٌ»، وهو الصواب)، انتهى، وقوله: (تِيَر): هو بكسر المثنَّاة فوق، وفتح المثنَّاة تحت، وهو مقصور، مِن (تِيَار)، كما قالوا: قاماتٌ وقِيَمٌ، وإنَّما غُيِّرَ؛ لأجل حرف العلَّة، ولولا ذلك؛ لمَا غُيِّر، ألَا ترى أنَّهم قالوا في جمع رَحْبَة: رِحاب، ولم يقولوا: رِحَبٌ، قال الشاعر: [من الرجز]
يَقُومُ تاراتٍ ويَمْشِي تِيَرا
          وربَّما قالوا بحذف الهاء، قال الشاعر: [من الرجز]
فالويلُ تارًا والثُّبُورُ تَارَا
          والله أعلم.
          قوله: (لَمْ يُحَالِفْ أَحَدًا): (يُحالِف): بالحاء المهملة، والحِلف والمحالفة: المؤازرة(5) والمناصرة، وهذا معروفٌ.


[1] في (أ): (إليه)، والمثبت هو الصواب.
[2] كذا في (أ)، ورواية «اليونينيَّة» و(ق): (وجماعته).
[3] في (أ): (جمع)، وفوقها: (كذا)، والمثبت من مصدريه.
[4] في (أ): (وكذا)، والمثبت من مصدره.
[5] في (أ): (والمؤازرة)، ولعلَّ المُثبَت هو الصَّواب.