التوضيح لشرح الجامع البخاري

باب حفظ السر

          ░46▒ بابُ حِفْظِ السِّرِّ.
          6289- ذكر فيه حديث أنسِ بنِ مالكٍ ☺ قال: (أَسَرَّ إِلَيَّ النَّبِيُّ صلعم سِرًّا، فَمَا أَخْبَرْتُ بِهِ أَحَدًا بَعْدَهُ، وَلَقَدْ سَأَلَتْنِي أُمُّ سُلَيْمٍ فَمَا أَخْبَرْتُهَا بِهِ).
          هو مطابقٌ لِمَا ترجمه، فإنَّ السرَّ أمانةٌ وحفظَهُ واجبٌ، وذلك مِن أخلاق المؤمنين، وقد رُوي عن أنسٍ أنَّه قال: خدمتُ النَّبيَّ صلعم عشرَ سنينَ فقال: ((احفظْ سِرِّي تكُنْ مؤمنًا)).
          وروى ابن أبي شيبَةَ عن يحيى بن آدمَ عن ابن أبي ذئبٍ، عن عبد الرَّحمن بن عطاءٍ عن عبد الملك، عن جابر بن عبد الله، قال: قال رسول الله صلعم: ((إذا التفتَ المحدِّثُ فهي أمانةٌ)).
          قال المهلَّبُ: والذي عليه أهل العلم أنَّ السرَّ لا يبيح به إذا كان السرُّ فيه ضرُّه، وأكثرهم يقول: إذا مات المسرُّ فليس يلزمُ مِن كتمانه ما يلزم مِن حياته، إلَّا أن يكون عليه فيه غَضَاضةٌ في دينِهِ.
          وقال الدَّاوديُّ: هذا ممَّا لا ينبغي إفشاؤه بعد موته، بخلاف سرِّ فاطمَةَ أنَّه إنَّما أسرَّ إليها موته، وسؤال أمِّ سُلَيمٍ لعلَّها سألتهُ عمَّا قالت له إن لم يكن سِرًّا، وفي روايةٍ أخرى: قال لها: ((أسرَّ إليَّ رسول الله صلعم شيئًا فقالت: فلا تُخْبِر به)).