التوضيح لشرح الجامع البخاري

باب الأخذ باليدين

          ░28▒ بابُ الأَخْذِ باليَدَيْنِ، وَصَافَحَ حَمَّادُ بن زَيْدٍ ابنَ المُبَارَكِ بِيَدَيهِ.
          6265- رواه ابن سَعْدٍ عن مَعْنٍ قال: رأيت حمَّادًا فذكره.
          ثمَّ ذكر فيه حديث ابن مسعودٍ ☺: (عَلَّمَنِي رَسُولُ اللهِ صلعم وَكَفِّي بَيْنَ كَفَّيْهِ التَّشَهُّدَ، كَمَا يُعَلِّمُنِي السُّورَةَ مِنَ القُرْآنِ: التَّحِيَّاتُ لِلَّهِ...)، وفي آخره فائدةٌ جليلةٌ: (وَهُوَ بَيْنَ ظَهْرَانَيْنَا، فَلَمَّا قُبِضَ قُلْنَا: السَّلام _يَعْنِي_ عَلَى النَّبِيِّ صلعم)، وظاهرُهُ أنَّ الإشارة والخطاب بقوله: (السَّلام عليك)، إنَّما كان في حياته، وأنَّه يُقال بعد وفاته ما ذكره فتنبَّه.
          وقوله: (كَفِّي بَيْنَ كَفَّيْهِ) هذا هو مبالغة المصافحة وذلك مستحبٌّ عند العلماء، واختلفوا في تقبيل اليد: فأنكره مالكٌ وأنكر ما رُوي فيه، وأجازه آخرون، واحتجَّوا بأنَّ أبا لُبَابةَ وكعبَ بن مالكٍ قبَّلا يد رسول الله صلعم حين تاب الله عليهم، وكذا صاحباهُ، فذكره الأبهريُّ وقال: إنَّما كرهه مالكٌ إذا كان على وجه التكبُّر وأما إذا قُبِّل على وجه القُربة لدينهِ أو لعلمهِ أو لشرفهِ فإنَّ ذلك جائزٌ، وتقبيل يد رسول الله صلعم مما يقرِّب إلى الله، وما كان لدُّنيا أو لسلطانٍ أو غيره مِن وجوه التكبُّر فهو مكروهٌ.
          وحديث ابن عُمَرَ ☻ في قصَّة السريَّة لَمَّا قال: ((أنتم العَكَّارُونَ، فقبَّلنا يدَهُ))، حجَّةٌ أيضًا لِمَا قلناه.
          وقد قبَّل أبو عُبَيْدَةَ يدَ عُمَرَ بن الخطَّاب حين قَدِم مِن سفرٍ، وقبَّل زيدُ بن ثابتٍ يدَ ابن عبَّاسٍ حين حبسَ ابنُ عبَّاسٍ بركابِهِ، وقال ابن عبَّاسٍ: هكذا أُمرنا أن نفعل بعلمائنا، وقال زيدٌ: هكذا أُمرنا أن نفعل بآل رسول الله ╕.
          وروى التِّرْمِذيُّ مِن حديث ابن عبَّاسٍ ☻ ((أنَّ يَهُودييِّن أتيا رسول الله صلعم فسألاه عن تسعِ آياتٍ بيِّنَاتٍ، فذكرهنَّ ثمَّ قال: وعليكم خاصَّةً اليَهُودَ أَلَا تَعْدُوا في السَّبْتِ فَقَبَّلُوا يَدَه وَرِجْلَهُ، وقالا: نشهدُ أنَّكَ نَبِيٌّ)).
          قال التِّرْمِذيُّ: حديثٌ حسنٌ صحيحٌ، وفي الباب عن زيدِ بن أسودَ وابن عُمَرَ وكعبِ بن مالكٍ.
          فائِدَةٌ: قوله: (وَهُوَ بَيْنَ ظَهْرَانَيْنَا) أي: حيٌّ في وسطِنا، قال الجَوْهَرِيُّ: تقول: فلانٌ بين ظَهْرانَيهم وظَهْرَيهم تُفتح النُّون ولا تُكسر.