التوضيح لشرح الجامع البخاري

باب من قام من مجلسه أو بيته ولم يستأذن أصحابه

          ░33▒ بابُ مَن قَام مِن مَجْلِسِه أو بَيْتِهِ وَلَم يَسْتَأذِن أَصْحَابَهُ، أَوْ تهيَّأ للقِيَامِ لَيَقُومَ النَّاسُ
          6271- ذكر فيه حديث أبي مِجْلَزٍ _لاحقِ بنِ حُمَيدٍ_ عن أنس بن مالكٍ ☺ قال: (لَمَّا تَزَوَّجَ رَسُولُ اللهِ صلعم زَيْنَبَ بِنْتَ جَحْشٍ دَعَا النَّاسَ، طَعِمُوا ثُمَّ جَلَسُوا يَتَحَدَّثُونَ قَالَ: فَأَخَذَ كَأَنَّهُ يَتَهَيَّأُ لِلْقِيَامِ فَلَمْ يَقُومُوا...) الحديث.
          وجاء في بعض طُرُقه أنه صلعم استحيى أن يقول للذين أطالوا الحديث في بيته: قوموا، ويُخْرِجهم مِن بيته لأنَّه صلعم كان على خُلُقٍ عظيمٍ، وكان أشدَّ النَّاس حياءً فيما لم يُؤمر فيه ولم يُنهَ، فإذا أمرَهُ الله لم يستحيِ مِن إنفاذ أمرِ الله والصَّدعِ به وكان جلوسهم عنده بعد ما طَعِمُوا للحديث أذًى له ولأهله، قال تعالى: {إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ يُؤْذِي النَّبِيَّ فَيَسْتَحْيِي مِنْكُمْ}الآية [الأحزاب:53] فقد حرَّم الله ╡ أذى رسوله فأنزل الله مِن أجل ذلك الآيةَ.
          وروى ابن أبي شيبةَ بإسنادٍ ضعيفٍ عن أنسٍ ☺ أنَّه صلعم ما جلس / إليه أحدٌ فقام حتَّى يقوم، وذُكر عن عبد الله بن سَلَامٍ والحسنِ بن أبي الحسن وأبي مِجْلَزٍ والنَّخَعِيِّ وسعيدِ بن جُبَيرٍ مثلُهُ.
          وفيه: أنَّه لا ينبغي لأحدٍ أن يدخل بيت غيره إلَّا بإذنه، وأنَّ الدَّاخلَ المأذونَ له لا ينبغي له أن يطوِّل الجلوسَ فيه بعد تمام حاجته التي دخل لها لئلَّا يؤذيَ الداخل الذي أدخلَهُ ويمنع أهله من التصرُّف في مصالحهم.
          وفيه أنَّ مَن أطال الجلوس في دار غيره حتَّى كره ذلك مِن فعله، فإنَّ لصاحب الدار أن يقوم بغير إذنِهِ ويُظهر التثاقلَ عليه في ذلك حتَّى يُفطن له، وأنَّه إذا أقام فإنَّ للداخل القيام معه، وأنَّه لا يجوز له الجلوس فيه بعده إلَّا أن يأذنَ له في ذلك صاحبُ المنزل.