التوضيح لشرح الجامع البخاري

باب من نظر في كتاب من يحذر على المسلمين ليستبين أمره

          ░32▒ بابُ مَن نَظَرَ في كِتَابِ مَن يُحذَرُ عَلَى المسلِمِينَ لِيَسْتَبِينَ أَمْرَهُ.
          6259- ذكر فيه حديث عليٍّ ☺ في صحيفة حاطِبِ بنِ أبي بَلْتَعَةَ مع الظَّعِينة في رَوْضَةِ خَاخٍ، وقد سلف بطوله واضحًا [خ¦3007].
          وفيه _كما قال المهلَّبُ_: هتكُ ستر المذْنِبِ، وكَشْفُ المرأة العاصية، وأنَّ الحديث الذي رُوي أنَّه لا يجوز النَّظر في كتاب أحدٍ، وأنَّ ذلك حرامٌ، وما جاء في التغليظ فيه، فإنَّما ذلك لمن يظنُّ به في كتابه إلَّا الخير، فإن كان مُتَّهمًا على المسلمين فلا حُرمةَ لكتابه ولا له، أَلَا ترى أنَّ المرأة لا يجوز النظر إليها عُرْيَانةً لغير ذي مَحْرَمٍ منها لأنَّها عورةٌ، وقد أراد عليٌّ تجريدها لو لم تُخْرِج الكتاب، وأقسم إن لم تُخْرِجه ليُجَرِدنَّها، وحُرمة المرأة أكثر مِن حُرمة الكتاب، وقد سقطت عند خيانتها، فكذلك حُرمة الكتاب.
          وفيه دليلٌ أنَّه لا بأس بالنظر إلى عورة المرأة عند الأمر ينزل فلا يجد مِن النظر إليها بدًّا، ويشهد لصِحَّةِ ذلك ما رواه مالكٌ، عن سهيل بن أبي صالحٍ، عن أبيه، عن أبي هُرَيْرَةَ، أنَّ سعد بن عُبَادةَ قال: ((يا رسولَ الله، أرأيتَ إن وجدتُ مع امرأتي رجلًا، أُمهله حتى آتي بأربعة شهداءَ؟ فقال ◙: نعم))، قال الطَّبَرِيُّ: ولو كان الشهداءُ الأربعةُ إذا حضروا لم يجز لهم النَّظَرُ إلى فروجهما لم يكن حضورهم وغيبتهم إلَّا سواءً لأنَّ الشهادة على الزِّنا لا تصحُّ، إلَّا أن يشهد الشُهُود أنَّهم رأوا ذلك منهما كالمِروَد في المُكْحُلَةِ.
          وقد سلف بعض معاني هذا الحديث في باب: الجاسوس في كتاب الجهاد [خ¦3007]، وسيأتي في باب: المُتَأَوِّلِينَ، في آخر الدِّيَاتِ [خ¦6939].
          فَصْلٌ: شيخ البخاريِّ: (يُوسُفُ بنُ بُهلُول) بضمِّ الباء وهو نعتٌ ومعناه الضَّحَّاكُ، وسُمِّي به وليس وزنُهُ مثل: سُبُّوح وقُدُّوس لأن هذا فُعْلُول بالضمِّ وذلك فُعُّول لم يأتِ سواهما، وفيهما الفتح، والرُّوح ثالثُهما ليس فيه إلَّا الضمُّ، وليس في الكلام فَعْلول بالفتح سوى صَعْفُوق كما نبَّه عليه الجَوْهَرِيُّ، قال: وأمَّا خَرْنوبُ فإنَّ الفصحاء يضمُّونَهُ أو يُشدِّدُونَهُ مع حذف النُّون وإنَّما يفتحه العامَّةُ.
          فَصْل: وقول عليٍّ ☺: (بَعَثَنِي وَالزُّبَيْرَ وَأَبَا مَرْثَدٍ الغَنَوِيَّ) هؤلاء شُجعان الصَّحابة، وفيه تجريد المرأة للضرورة إذا عَصَتْ بعد التهديد بذلك، كما سلف.
          وقوله: (فَلَمَّا رَأَتِ الجِدَّ) الجدُّ بالكسر نقيض الهزل، تقول منه: جدَّ في الأمر، يجِدُّ بالكسر جَدًّا.
          وقول عُمَرَ ☺: (دَعْنِي أَضْرِبْ عُنُقَهُ) لعلَّه لم يسمع قوله ◙: ((ولا تقولوا له إلَّا خيرًا)) أو كان قبل قوله ذلك.