التوضيح لشرح الجامع البخاري

باب: إذا قال من ذا؟فقال أنا

          ░17▒ بابُ إذا قَالَ: مَن ذَا؟ فَقَالَ: أَنَا.
          6250- ذكر فيه حديث جابرٍ ☺: (أَتَيْتُ النَّبِيَّ صلعم فِي دَيْنٍ كَانَ عَلَى أَبِي، فَدَقَقْتُ البَابَ، فَقَالَ: مَنْ ذَا؟ قُلْتُ: أَنَا، فَقَالَ: أَنَا أَنَا كَأَنَّهُ كَرِهَهَا).
          هذا الحديث قال به جماعةُ العلماء؛ لأنه لم يحصل به فائدةٌ ولا زيادةٌ، بل الإبهام باقٍ، والذي ينبغي أن يقول فلانٌ باسمه، وإن قال: أنا فلانٌ فلا بأسَ به، كما قالت أمُّ هانئٍ حين استأذنت، فقال ◙: ((مَن هذا؟ فقالت: أنا أمُّ هانئٍ)).
          ولا بأس أن يقول: أبو فلانٍ، أو القاضي فلانٌ، أو الشيخ فلانٌ، إذا لم يحصل التعريف بالاسم لخفائه، والأحسن أن يُقال: أنا فلانٌ المعروف بكذا.
          وزعم ابن الجوزيِّ أنَّ لفظة (أنا) مِن غير أن يُضاف إليها فلانٌ تتضمَّن نوع كِبرٍ كأنَّهُ يقول: أنا الذي لا أحتاج أن أسمِّي نفسي، أو أتكبَّرُ عن تسميتها فيُكره لهذا أيضًا.
          قال المهلَّبُ: وإنَّما كره قولَ جابرٍ: (أنا) لأنَّهُ ليس في ذلك بيانٌ إلَّا عند مَن يعرف الصوت، وأمَّا عند مَن يمكن أن يشتبه عليه فهو مِن التَّعصُّبِ فلذلك كرهه، وقد قال بعض النَّاس: ينبغي أن يكون لفظ الاستئذان بالسَّلام، وزعم أنَّه صلعم إنَّما كره قول جابرٍ: (أنا) ليستأذنَ عليه بلفظ السَّلام، وقال الدَّاوديُّ: إنَّما كرهه لأنَّه أجابه بغير ما سألَهُ عنه لأنَّه أراد أن يعرف ضاربَ الباب، وهو قد علم أنْ ثَمَّ ضاربٌ، فأخبره أنَّهُ ضارِبٌ فأعنَتَهُ، قال: وهذا كان قبل نزول آية الاستئذان.
          وفيه: جواز ضرب باب الحاكم، وإخراجه مِن داره لبعض ما يُعزى إليه، ويبيِّنه قِصَّةُ كعبِ بن مالكٍ وابنُ أبي حَدْرَدٍ، وليس كما قال بعضهم أنَّه لا يعرِضُ للحاكم إلَّا عند جلوسه.