مجمع البحرين وجواهر الحبرين

باب: إذا حلف أن لا يأتدم فأكل تمرًا بخبز وما يكون من الأدم

          ░22▒ باب إذا حلف أن لا يأتدم
          فيه حديث / عائشة فقال: ثنا محمد بن يوسف.. إلى آخره.
          وحديث أنس السالف.
          وفيه: فأتت بذلك الخبز، فأمر به رسول الله صلعم ففت، الحديث.
          إنما أتى (خ) بقوله: (وقال ابن كثير: أنا سفيان، ثنا عبد الرحمن) ليزول من قد توهم من عدم سماع سفيان من عبد الرحمن بن عابس.
          و(البر): جمع: برة من القمح، ومنع سيبويه أن يجمع على أبرار، وجوزه المبرد.
          والأقراص جمع: قرص، كغصن وغصنة وأغصان.
          قوله: (هلمي يا أم سليم) كذا في الأصول، وذكره ابن التين بلفظ ((هلم)) بحذف الياء.
          ثم قال: إنه على لغة أهل الحجاز أن (هلم) يستوي فيه المذكر والمؤنث والجمع والمفرد، قال تعالى: {هَلُمَّ إِلَيْنَا} [الأحزاب:18]، والعكة بضم العين: آنية السمن.
          ومعنى (فأدمته): جعلت السمن إدامه، وهو ثلاثي يقال: أدم الخبز، يأدمه بالكسر، وقول عائشة: (من خبز بر مأدوم) يدل على صحة ذلك؛ لأن مفعولاً لا يكون إلا من الثلاثي، ولو كان الفعل رباعيًّا لقالت: خبز بر يؤدم.
          واختلف فيمن حلف أن لا يأكل إداماً فأكل لحماً مشويًّا، فقال مالك والشافعي: يحنث كما لو أكل زيتاً وخلًّا. وقال أبو حنيفة وأبو يوسف: الإدام: ما يصطبغ به مثل الزيت والعسل والخل، فأما ما لا يصطبغ به مثل اللحم المشوي والجبن والبيض فليس بإدام، وعند المالكية: يحنث بكل ما هو عند الحالف إدام، ولكل قوم عادة.
          قال محمد: ما كان الغالب منه أنه يؤكل بالخبز فهو إدام، حكاه ابن بطال، وحكاية ابن التين عنه: يحنث بأكل السمن والعسل والزيت والودك والشحم والزيتون والجبن والصبر، وشبه ذلك قال: ولا أرى أن يحنث بالملح الجريش ولا المطيب وإن كان قد أحنثه بعض العلماء به.
          حجة الكوفيين أن حقيقة الإدام هو اسم للجمع بين الشيئين قال ◙: ((إذا أراد أحدكم أن يتزوج المرأة فلينظر إليها فإنه أحرى أن يؤدم بينهما)) معناه: أنه يجمع بينهما.
          وقيل: إنه من الدوام، وقيل: من وقوع الأدمة على الأدمة، وليس كل اسم يتناوله إطلاق اسم، بدليل أن من جمع بين اسمين لا يسمى بهذا الاسم، وإنما المراد أن يستهلك فيه الخبز ويكون تابعاً له بأن تتداخل أجزاؤه بأجزاء غيره، وهذا لا يحصل إلا فيما يصطبغ به.
          وهذا الوجه مجمع عليه وما سواه مختلف فيه، فلا يصح إثباته إلا بلغة أو عادة، وقال تعالى: {وَصِبْغٍ لِّلْآكِلِينَ} [المؤمنون:20].
          قال ابن القصار: فيقال لهم: لا خلاف بين أهل اللغة أن من أكل خبزاً بلحم مشوي أنه قد ائتدم به، ولو قال: أكلت خبزي بلا أدم لكان كاذباً، ولو قال: أكلت خبزي بإدام كان صادقاً، قال غيره: والدليل على أن كل ما يؤتدم به يسمى إداماً، الحديث السالف: ((تكون الأرض خبزة يوم القيامة إدامها زائدة كبد نون وثور)) فجعل الكبد إداماً، فكذلك التمر وكل شيء غير مائع فهو إدام كالكبد.
          وروى حفص بن غياث بسنده عن عبد الله بن سلام قال: رأيت النبي صلعم أخذ كسرة من خبز شعير فوضع عليها تمراً، وقال: ((هذه إدام هذه)) فأكلها.
          قال ابن التين: وإن حلف لا يأكل فاكهة حنث بأكل الفاكهة كلها يابسها ورطبها.
          يريد: أنه لا يحنث في يابسها إلا إذا ذكره؛ لأن الفاكهة إنما تطلق عنده على الطري خاصة.