مجمع البحرين وجواهر الحبرين

باب: لا يحلف باللات والعزى ولا بالطواغيت

          ░5▒ باب لا يحلفوا باللات والعزى ولا بالطواغيت
          فيه حديث أبي هريرة، عن النبي صلعم قال: ((من حلف فقال في حلفه: باللات... الحديث)) وسلف.
          وقوله (لا إله إلا الله) هو كفارة لما أتى به من المعصية وقيل: إنما هذا إذا كان هذا القول منه خطأ.
          ومعنى الحديث الآخر: ((من حلف بملة غير الإسلام فهو كما قال))، يريد: متعمداً، وكذلك هو موجود في بعض الروايات. وقيل: لئلا يمضي عليه وقتان على هذه المعصية، فيخل ذلك بقوله: ((لا إله إلا الله)) وجعل الصدقة كفارة ((أقامرك)) وإن لم يفعله.
          قال المهلب: كان أهل الجاهلية قد جرى على لسانهم الحلف باللات والعزى، فلما أسلموا ربما جروا على عادتهم من ذلك من غير قصد منهم، فكان من حلف بذلك فكأنه قد راجع حالة من حال الشرك، وتشبه بهم في تعظيمهم غير الله، فأمر الشارع من عرض له بذلك بتجديد ما أنساهم الشيطان أن يقولوا: لا إله إلا الله، فهو كفارة له إذ ذاك براءة من اللات والعزى، ومن كل ما يعبد من دون الله.
          قال الطبري: وقول ذلك واجب مع إحداث التوبة، والندم على ما قال من ذلك، والعزم على أن لا يعود، فلا يعظم غير الله.
          قال الطبري: وفيه الإبانة: أن كل من أتى أمراً يكرهه الله، ثم أتبعه من العمل بما يرضاه الله ويحبه بخلافه، وندم عليه، وترك العود له؛ فإن ذلك واضع عنه وزر عمله، وماح إثم خطيئته، وقد قال ◙ لمعاذ في وصيته: ((إذا عملت سيئة، فأتبعها بحسنة تمحها)).
          قال غيره: والأمر بالصدقة في الثاني محمول عند الفقهاء على الندب، بدليل أن مريد المعصية ولم يفعلها، فليس عليه صدقة ولا غيرها، بل تكتب له حسنة، كما رواه ابن عباس مرفوعاً.
          وروى أبو هريرة مرفوعاً: ((من هم بسيئة فلم يعملها لم يكتب عليه شيء)).
          واحتج ابن عباس لروايته بقوله تعالى: {وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ} [الرحمن:46] قال: هو العبد يهم بالمعصية، ثم يتركها من خوف الله.
          وسبق زيادة في معنى هذا الحديث في آخر كتاب الاستئذان، في باب: كل لهو باطل.
          والطاغوت في الترجمة اختلف في معناه، أهو الشيطان كما قاله عمر وغيره أو الساحر كما قاله أبو العالية وغيره أو الكاهن كما روي عن جابر وغيره.
          قال الطبري: وهو عندي فعلوت من الطغيان، كالجبروت من الجبر، والخلبوت من الخلب، قيل ذلك لكل من طغى على ربه تعالى، فعبد من دونه، إنساناً كان ذلك الطاغي أو شيطاناً أو صنماً.