مجمع البحرين وجواهر الحبرين

باب: لا يقول ما شاء الله وشئت وهل يقول أنا بالله ثم بك

          ░8▒ باب لا يقول: ما شاء الله وشئت
          وهل يقول: أنا بالله ثم بك؟
          وقال عمرو بن عاصم: إلى آخره.
          فذكر الحديث في الأقرع والأعمى المذكور في بني إسرائيل، وهناك أسنده، فثنا أحمد بن إسحاق، إلى آخر السند.
          قال المهلب: إنما أراد (خ) أن يخبر (ما شاء الله ثم شئت) استدلالاً من قوله ◙ في حديث أبي هريرة: ((ولا بلاغ لي إلا بالله ثم بك)) وإنما لم يجز أن يقول: ما شاء الله وشئت؛ لأن الواو تشرك بين المشيئتين جميعاً.
          وقد روي هذا المعنى عن رسول الله صلعم أنه قال: ((لا يقولن أحدكم ما شاء الله وشاء فلان، ولكن ليقل: ما شاء الله ثم ما شاء فلان)) وإنما جاز دخول ثم مكان الواو؛ لأن مشيئة الله تعالى متقدمة على مشيئة خلقه، قال تعالى: {وَمَا تَشَاؤُونَ إِلَّا أَن يَشَاء اللهُ} [الإنسان:30] فهذا من الأدب.
          وذكر عبد الرزاق، عن النخعي أنه كان لا يرى بأسا أن يقول: ما شاء الله ثم شئت، وكان يكره أن يقول: أعوذ بالله وبك، حتى يقول: ثم بك.
          والحديث في ذلك رواه محمد بن بشار، بسنده عن قتيلة امرأة من جهينة قالت: جاء يهودي إلى رسول الله فقال: إنكم تشركون، وإنكم تجعلون لله ندًّا، تقولون: والكعبة، وتقولون: ما شاء الله وشئت، فأمرهم رسول الله إذا أرادوا أن يحلفوا أن يقولوا: ((ورب الكعبة)) وأمرهم أن يقولوا: ((ما شاء الله ثم شئت)).
          وهذا الحديث رأي (خ)، ولم يكن من شرطه، فترجم به، واستنبط معناه من حديث أبي هريرة.
          وقال الداودي: ليس في هذا نهي أن لا يقول: بالله وبك. قال تعالى: {وَمَا نَقَمُواْ إِلاَّ أَنْ أَغْنَاهُمُ اللّهُ وَرَسُولُهُ مِن فَضْلِهِ} [التوبة:74]، وقال: {وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ} [الأحزاب:37]، وقال: {قُلِ الأَنفَالُ لِلّهِ وَالرَّسُولِ} [الأنفال:1] والابتلاء: الاختبار.
          وفيه: أن الملائكة تكلم غير الأنبياء؛ إلا أن المتكلم ربما يعرف أن الذي يكلمه ملك. واعترضه ابن التين، فقال: ما ذكره ليس بظاهر؛ لأن قوله: ما شاء الله وشئت، يشارك الله في مشيئه، وجعل الأمر مشتركاً بينه وبين الله في المشيئة، وليس كذلك الآي التي ذكرها؛ لأنه إنما شاركه في الأنعام، أنعم الله على زيد بالإسلام، وأنعم عليه الشارع بالعتق، وإنما الذي يمنع أن تقول: ما شاء الله وشئت توقع المشاركة في المشيئة، وهي منفردة لله تعالى حقيقة، ومجاز لغيره.
          قوله: (تقطعت بي الحبال) الذي نحفظه بالحاء. قال ابن التين: رويناه ((بالجبال)) وفي رواية أخرى بالحاء، وهو أشبه.