مجمع البحرين وجواهر الحبرين

باب: إذا قال أشهد بالله، أو: شهدت بالله

          ░10▒ باب إذا قال: أشهد بالله، أو شهدت بالله
          فيه حديث إبراهيم عن عبيدة، عن عبد الله سئل النبي صلعم: أي الناس خير؟ قال: ((قرني))... الحديث.
          قال إبراهيم: وكان أصحابنا ينهوننا ونحن غلمان أن نحلف بالشهادة والعهد.
          إنما قصد (خ) من هذا الحديث إلى قول إبراهيم: (وكان أصحابنا ينهوننا ونحن غلمان أن نحلف) يريد: أشهد بالله، وعلي عهد الله. قال: نهيهم عن الحلف بذلك أنهما يمينان مغلظان، ووجه النهي عنهما والله أعلم أن قوله: أشهد بالله. يقتضي منع العلم والقطع، وعهد الله لا يقدر أحد على التزامه بما يجب فيه.
          وعبارة ابن التين أن معناه: يريد أن يقول: وشهادة الله، وعهد الله. وأسلفنا في باب: لا تحلفوا بآبائكم فصلا في الحلف بأشهد بالله، والحاصل فيه للعلماء أقوال:
          1- أن أشهد، وأحلف، وأعزم، كلها أيمان تجب فيها الكفارة، وهو قول النخعي وأبي حنيفة والثوري. وقال ربيعة والأوزاعي: إذا قال: أشهد لا أفعل كذا، ثم حنث، فهي يمين.
          2- أن أشهد: لا تكون يمينا حتى يقول: أشهد بالله، وإن لم يرد ذلك، فليست بأيمان.
          قال الطحاوي: وقوله ((يجيء قوم..)) إلى آخره، إنما أراد ◙ أنهم يكثرون الأيمان على كل شيء حتى تصير لهم عادة، فيحلف أحدهم حيث لا يراد منه اليمين، وقبل أن يستحلف. يدل على ذلك قول النخعي: وكانوا ينهوننا ونحن غلمان أن نحلف بالشهادة والعهد، يعني أن نحلف بالشهادة بالله، وعلى عهد الله، كما قال تعالى: {وَلاَ تَجْعَلُواْ اللّهَ عُرْضَةً لِّأَيْمَانِكُمْ} [البقرة:224]، والشهادة هنا: اليمين بالله.
          قال تعالى: {فَشَهَادَةُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ شَهَادَاتٍ بِاللهِ} [النور:6] أي: أربع أيمان.
          والقرن: كل طبقة مقترنين في وقت، ومنه قيل لأهل كل مدة أو طبقة بعث فيها نبي: قرن قلت السنون أو كثرت.
          قوله: (قرني) يعني أصحابي (ثم الذين يلونهم) يعني: التابعين (ثم الذين يلونهم) تابعي التابعين، واشتقاق قرن: من الاقتران، وقيل: القرن ثمانون سنة، أو أربعون، أو مائة.
          وقال ابن الأعرابي: القرن: الوقت من الزمان. وقال غيره: قيل له قرن؛ لأنه يقرن أمة بأمة، عالماً بعالم، / وهو مصدر قرنه، جعل اسماً للوقت، أو لأهله.
          وأصحابه ◙ أفضل الأمة من سمع منه كلمة، أو عقل أنه رآه، وأدناهم منزلة خير من يأتي بعدهم. قيل لمالك: من أفضل، معاوية أو عمر بن عبد العزيز؟ فقال: لنظرة نظرها معاوية في وجه رسول الله خير من عمل عمر بن عبد العزيز.
          قوله: (ثم يجيء قوم تسبق شهادة أحدهم يمينه، ويمينه شهادته) فيه قولان:
          أحدهما: أن يقول: أشهد بالله، أو شهدت بالله لكان كذا.
          والثاني: أن يحلف على تصديق شهادته قبل أن يشهد، أو بعد، والأول: هو تأويل (خ).
          قال ابن التين: وأما من حلف على تصديق شهادته قبل الحكم بها، فقال ابن شعبان: تسقط شهادته يؤيد كأنه لما حلف أنهم فيما شهد به، فسقطت شهادته، وظاهر تأويل (خ): أن قوله أشهد بالله لا يجوز.