مجمع البحرين وجواهر الحبرين

باب: {لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم}

          ♫
          وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه أجمعين
          ░14▒ باب قول الله تعالى: {لاَ يُؤَاخِذُكُمُ اللّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ} الآية [البقرة:225]
          فيه حديث عائشة قالت: نزلت في قوله: لا والله، وبلى والله.
          وقد سلف الكلام عليه قريباً وفي التفسير في الآية المذكورة.
          واختلف في لغو اليمين، فذهب إلى قول عائشة أنه: لا والله، وبلى والله، مما لا يعتقده قلب الحالف ولا يعضده ابن عمر، وكان يسمع بعض ولده يحلف عشرة أيمان: لا والله، وبلى والله، فلا يأمره بشيء، وروي ذلك عن القاسم وعطاء وعكرمة والحكم والشعبي وطاوس والحسن والنخعي.
          وروى حماد بن زيد، عن أيوب، عن أبي قلابة قال: لا والله، وبلى والله: لغة من لغات العرب، لا يراد بها اليمين، وهي من صلة الكلام. وإليه ذهب أبو حنيفة وأصحابه والشافعي، إلا أن أبا حنيفة قال: اللغو: قول الرجل: لا والله، وبلى والله، فيما يظن أنه صادق على الماضي. وعند الشافعي: سواء كانت في الماضي أو المستقبل.
          وفيها قول ثان: روي عن ابن عباس أنه هو أن يحلف الرجل على الشيء، يعتقد أنه كما حلف عليه، ثم وجد على غير ذلك وروي عن عائشة أيضاً.
          وروى مثله أيضاً إسماعيل القاضي والنخعي والحسن وقتادة، وهو قول ربيعة ومكحول ومالك والليث والأوزاعي، قال مالك: وأحسن ما سمعت في اللغو هذا.
          قال ابن عبد البر: وهو قول أحمد أيضاً وحكي أقوال أخر في لغو اليمين:
          1- رواية طاوس، عن ابن عباس قال: اللغو أن يحلف الرجل وهو غضبان.
          2- قال الشعبي: إنه كل يمين على معصية فليست لها كفارة، ثم قال: لم يكفر للشيطان.
          3- قول سعيد بن جبير: إنه تحريم الحلال، كقول الرجل: هذا الطعام علي حرام. فأكله فلا كفارة عليه.
          وفي كتاب أبي عاصم: بسنده عن عائشة قالت: لغو اليمين ما كان في المراء والهزل أو المراجعة في الحديث الذي لا يعقد عليه القلب، وإنما الكفارة في كل يمين حلف فيها على جد من الأمر في غضب أو غيره: لتفعلن أو لتتركن، فذلك عقد الأيمان التي فرض الله فيها الكفارة، قال الله: {لاَ يُؤَاخِذُكُمُ اللّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ} [البقرة:225].
          ولأبي داود عنها أن رسول الله صلعم قال: ((هو قول الرجل في بيته: كلا والله، وبلى والله)) قال عبد الحق: رواه جماعة عن عائشة قولها.
          وذكر عبد الرزاق بسنده عنها قالت في الآية: هم القوم يتدارءون، يقول أحدهم: لا والله، وبلى والله، وكلا والله، لا تعقد عليه قلوبهم.
          قال أبو محمد ابن حزم: لغو اليمين لا كفارة فيه ولا إثم، وعن ابن عباس ولا يصح عنه من طريق الكلبي: لغو اليمين هو قول الرجل: هذا والله فلان، وليس بفلان.
          وقد صح أن عمر حلف عند رسول الله صلعم أن ابن صياد هو الدجال، ولم يأمره بكفارة.
          وقال مالك: عليه الكفارة، كان ما حلف عليه أو لم يكن.
          وعن عائشة: أيمان اللغو كان في المراء والقول في المزاحة والحديث الذي لا يعقد عليه أيضاً / .