مجمع البحرين وجواهر الحبرين

باب اليمين الغموس

          ░16▒ باب اليمين الغموس
          فيه حديث عبد الله بن عمرو، عن النبي صلعم قال: الإشراك بالله.. إلى آخره.
          (اليمين الغموس): هي أن يحلف الرجل عن الشيء وهو يعلم أنه كاذب، ليرضي بذلك أحداً أو ليعتذر، أو ليقتطع بها مالاً، وهي أعظم من أن تكفر، سميت غموساً؛ لأنها تغمس صاحبها في الإثم، ولا كفارة فيها عند مالك، قال مالك: هي أعظم من ذلك.
          قال ابن عبد البر: ولا تصح إلا في الماضي. قال: وأكثر أهل العلم لا يرون فيها كفارة، ونقله ابن بطال أيضاً عن جمهور العلماء، وفيها قول ثان روي عن الحكم بن عتيبة أن فيها الكفارة قال عطاء: ولا يريد بالكفارة إلا خيراً وهو قول الشافعي والأوزاعي ومعمر وطائفة من التابعين، فيما ذكر المروزي، فإن اقتطع بها حق امرئ مسلم أو ذمي فالرد واجب.
          قال الشافعي: والكفارة في هذا أوكد منها على من لم يتعمد الحنث بيمينه.
          قالوا: ومن الحجة في إسقاط الكفارة حديث الباب، وقد أجمعت الأمة أن الإشراك بالله، والعقوق، وقتل النفس لا كفارة فيها، وإنما كفارتها تركها والتوبة منها، فكذلك اليمين الغموس حكمها حكم ما ذكر معها في الحديث في سقوط الكفارة.
          قلت: لا يلزم الشافعي هذا فالجمع بين مختلف الأحكام جائز، ولا يلزم التساوي في الحكم، قال تعالى: {فَكَاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْرًا وَآتُوهُم} [النور:33].
          والإيتاء واجب والكتابة لا تجب، وقال: {كُلُواْ مِن ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ وَآتُواْ حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ} [الأنعام:141]، والإيتاء واجب والأكل ليس بواجب.