مجمع البحرين وجواهر الحبرين

باب الحلف بعزة الله وصفاته وكلماته

          ░12▒ باب الحلف بعزة الله وصفاته وكلامه
          وقال ابن عباس: إلى آخره. وقال أبو هريرة إلى آخره.
          وقال أبو سعيد إلى آخره وهذه كلها سلفت مسندة.
          ثم ساق حديث سفيان، عن قتادة، عن أنس بن مالك قال: قال النبي صلعم: ((لا تزال جهنم تقول: هل من مزيد؟... الحديث)).
          تضمنت أحاديث الباب جواز اليمين بصفات الله تعالى، وهو مشهور مذهب مالك.
          ويحتمل النهي في الحلف بغير الله أن ذلك في المخلوقات.
          وقوله: (كان ◙ يقول: أعوذ بعزتك) فيه إثبات الصفات، وليس فيه جواز اليمين بالصفة كما بوب عليه.
          وقال ابن بطال: اختلف العلماء في اليمين بصفات الله، فقال مالك في ((المدونة)): الحلف بجميع صفات الله وأسمائه لازم، كقوله: والسميع، والبصير، والعليم، والخبير، واللطيف، أو قال: وعزة الله، وكبريائه، وقدرته، وأمانته، وحقه، فهي أيمان كلها تكفر.
          وذكر ابن المنذر مثله عن الكوفيين أنه إذا قال: وعظمة الله، وجلال الله، وكبرياء الله، وأمانة الله وحنث، عليه الكفارة، وكذلك في كل اسم من أسمائه تعالى. وقال الشافعي: في جلال الله، وعظمة الله، وقدرة الله، وحق الله، وأمانة الله، إن نوى بها اليمين فذاك، وإلا فلا؛ لأنه يحتمل: وحق الله واجب، وقدرة الله ماضية.
          قال أشهب: من حلف بأمانة الله، التي هي صفة من صفاته، فهي يمين، وإن حلف بأمانة الله التي بين العباد فلا شيء عليه وكذلك عزة الله التي هي صفة وآية وأما العزة التي خلقها في خلقه فلا شيء عليه، وقال ابن سحنون: معنى قوله: {سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ} [الصافات:180] التي خلقها في خلقه التي يتعازون بها. قال: وقد جاء في التفسير أن العزة هنا يراد بها الملائكة.
          قوله في حديث أنس: (يضع فيها قدمه) قال المهلب: أي: ما قدم لها من خلقه، وسبق لها به مشيئته ووعده ممن يدخلها ومثله قوله تعالى: {لَهُمْ قَدَمَ صِدْقٍ عِندَ رَبِّهِمْ} [يونس:2] أي: متقدم صدق.
          وقال النضر بن شميل: معنى القدم هنا: الكفار الذي سبق في علم الله تعالى أنهم من أهل النار، وحمل القدم على أنه المتقدم؛ لأن العرب تقول للشيء المتقدم: قدم. وقال ابن الأعرابي: القدم: هو المتقدم في الشرف، والفضل خصوصاً، أراد به ما تقدم من الشرف وما يفتخر به. وقيل: القدم خلق يخلقه الله يوم القيامة، فيسميه قدماً، ويضيفه إليه من طريق الفضل والملك، يضيفه في النار فتمتلئ النار منه. وقيل: المراد به: قدم / بعض خلقه فأضيف إليه، كما يقال: ضرب الأمير اللص. على معنى أنه عن أمره، وقد أنكر بعض العلماء أن يتحدث بمثل هذه الأحاديث.
          وقيل: أراد الوعد من قوله {قَدَمَ صِدْقٍ} وذكر الداودي عن بعض المفسرين أن معنى قوله {هَلْ مِن مَّزِيدٍ} [ق:30] أي: ليس في مزيد، وهذا خلاف ما في الحديث، ومن روى: يضع رجله. غير ثابت، وعلى تقديره فلا يخلو من الوجوه السالفة: إما أن يريد رجل بعض خلقه، وأضيف إليه ملكاً وفعلاً، أو يراد به رجل المتجبر، المتكبر من خلقه، إما أولهم فهو إبليس، أو من بعده من أتباعه، وقيل: الرجل في اللغة: الجماعة الكثيرة شبهها برجل الجراد.
          قوله: (قط قط) أي: حسبي واكتفأت وامتلأت(1). وقيل: إن ذلك حكاية صوت جهنم. قال الجوهري: وإذا كانت بمعنى حسبي، وهو الاكتفاء، فهو مفتوحة القاف ساكنة الطاء.
          قال ابن التين: رويناه بكسرها. وفي رواية أبي ذر: بكسر القاف.
          قوله: (ويزوي بعضها إلى بعض) أي: يضم، رويناه بضم الياء وسكون الزاي.


[1] في هامش المخطوط: ((أقول: هذا يؤيد تفسير الداودي في قوله {هَلْ مِن مَّزِيدٍ})).