نجاح القاري لصحيح البخاري

حديث: هاتان السجدتان لمن لا يدري زاد في صلاته أم نقص

          6671- (حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ) هو: ابنُ راهويه، أنَّه (سَمِعَ عَبْدَ الْعَزِيزِ بْنَ عَبْدِ الصَّمَدِ) العَمِّي _بفتح العين المهملة وتشديد الميم المكسورة_، وسقط لفظ: <أنه> اختصارًا فإنَّهم يسقطونه في الخطِّ أحيانًا، قال: (حَدَّثَنَا مَنْصُورٌ) هو: ابنُ المعتمر (عَنْ إِبْرَاهِيمَ) النَّخعي (عَنْ عَلْقَمَةَ) أي: ابن قيس (عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ) ☺ (أَنَّ نَبِيَّ اللَّهِ صلعم صَلَّى الظُّهْرِ، فَزَادَ أَوْ نَقَصَ) شكٌّ من الرَّاوي (قَالَ مَنْصُورٌ) أي: ابن المعتمر المذكور (وَلاَ أَدْرِي إِبْرَاهِيمُ) النَّخعي (وَهِمَ) بفتح الواو وكسر الهاء؛ / أي: غلط وسها في الزِّيادة والنُّقصان. قال الجوهري: وهِمت في الحساب أوهم؛ أي: غلطت وسهوت، ووهمت في الشَّيء _بالفتح_ أوهم وهمًا: إذا ذهب وهمك إليه وأنت تريد غيره.
          (أَمْ عَلْقَمَةُ) بن قيس وهم، وجزم في رواية جرير عن منصور المذكورة في «أبواب القبلة» [خ¦401] بأنَّ إبراهيم هو الَّذي تردَّد ولفظه: قال: قال إبراهيم: لا أدري زاد أو نقصَ، وهذا يدلُّ على أنَّ منصوراً حين حدَّث عبد العزيز كان متردِّدًا هل علقمة قال ذلك أو إبراهيم، وحين حدّث جريرًا كان جازمًا بإبراهيم.
          (قَالَ: قِيلَ) له لما سلم (يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَقَصُرَتِ الصَّلاَةُ أَمْ نَسِيتَ؟) بهمزة الاستفهام الاستخباري (قَالَ) صلعم : (وَمَا ذَاكَ قالُوا: صَلَّيْتَ كَذَا وَكَذَا) كنايةٌ عمَّا وقع إمَّا زائدًا على المعهود، أو ناقصًا منه (قَالَ) أي: ابن مسعود ☺ (فَسَجَدَ بِهِمْ سَجْدَتَيْنِ) لما تذكَّر أنَّه نسي (ثُمَّ قَالَ) صلعم : (هَاتَانِ السَّجْدَتَانِ لِمَنْ لاَ يَدْرِي، زَادَ فِي صَلاَتِهِ أَمْ نَقَصَ، فَيَتَحَرَّى) بإثبات الياء خطاًّ، وفي رواية أبي ذرٍّ: <فيتحر> (الصَّوَابَ) بإسقاطها؛ أي: يجتهد في تحقيق الحقِّ بأن يأخذ بالأقل (فَيُتِمُّ) بضم الميم مشددة، وفي رواية أبي ذرٍّ: مفتوحة، وفي رواية أبي الوقت: <ثمَّ يتم> (مَا بَقِيَ) عليه (ثُمَّ يَسْجُدُ سَجْدَتَيْنِ) للسَّهو ندبًا.
          قال الكرماني: فإن قلت: لفظ أَقَصُرت صريح في أنَّه نقص. قلت: هذا خلطٌ من الرَّاوي، وجمع بين الحديثين، وقد فرَّق بينهما على الصَّواب في كتاب «الصَّلاة» في «استقبال القبلة» [خ¦401]: عن منصور، عن إبراهيم، عن علقمة، عن عبد الله، عن النَّبي صلعم قال إبراهيم: لا أدري زاد أو نقص، فلمَّا سلم قيل له: يا رسول الله! أحدث في إلصَّلاة شيءٌ؟ قال: ((وما ذاك))، قالوا: صليت كذا إلى آخره.
          وقال في باب «سجود السَّهو» [خ¦1228]: عن أبي هريرة ☺: أنَّ رسول الله صلعم انصرف من اثنتين، فقال له ذو اليدين: أقصرت الصَّلاة أم نسيت؟.
          ويحتمل أن يُجاب: بأنَّ المراد من القصر لازمه وهو التَّغيُّر، فكأنَّه قال: أغيَّرت الصَّلاة عن وضعها.
          ومطابقة الحديث للترجمة تُؤخذ من قوله: «أم نسيت»، ولكن بالتَّعسُّف، /
          والأحسن أن يُقال: ذكر هذا الحديث على طريق الاستطراد للحديث السَّابق.