نجاح القاري لصحيح البخاري

باب النذر في الطاعة

          ░28▒ (باب) حكم (النَّذْرِ فِي الطَّاعَةِ) ويحتمل أن يكون <باب> بالتنوين، ويريد بقوله: «النَّذر... إلى آخره»، حصر المبتدأ في الخبر فلا يكون نذر المعصية نذرًا شرعيًّا، وقوله تعالى: ({وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ نَفَقَةٍ} [البقرة:270]) في سبيل الله، أو في سبيل الشَّيطان ({أَوْ نَذَرْتُمْ مِنْ نَذْرٍ}) في طاعة الله أو في معصيته ({فَإِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُهُ} [البقرة:270]) لا يخفى عليه، وهو مجازيكم عليه، والجملة جواب الشرط إن كانت «ما» شرطية، والفاء زائدة في الخبر إن كانت موصولة.
          ووحد الضَّمير في قوله: {يَعْلَمُهُ} / والسابق شيئان النَّفقة والنَّذر؛ لأنَّ العطف بأو وهي لأحد الشَّيئين تقول: زيد أو عَمرو أكرمته، ولا يجوز أكرمتهما، بل يجوز أن يراعي الأول، فتقول: زيد أو هند منطلق، أو الثاني نحو زيد أو هند منطلقة، والآية من هذا ولا يجوز أن يُقال: منطلقان.
          ({وَمَا لِلظَّالِمِينَ}) الَّذين يمنعون الصَّدقات، أو ينفقون أموالهم في المعاصي، أو ينذرون في المعاصي، أو لا يفون بالنُّذور ({مِنْ أَنْصَارٍ} [البقرة:270]) ممَّن ينصرونهم من الله، ويمنعونهم من عقابه، وذكر هذه الآية إشارة إلى أنَّ النَّذر الذي وقع الثَّناء على فاعله هو نذر الطَّاعة؛ لأنَّ النَّذر في الطَّاعة واجب الوفاء به عند الجمهور، ولمن قدر عليه، قالوا: النَّذر على أربعة أقسام:
          أحدها: طاعة كالصَّلاة والصِّيام، الثَّاني: معصيةٌ كالزِّنى، الثَّالث: مكروهٌ، كنذر ترك التَّطوع، الرَّابع: مباح كنذرِ أكلِ بعض المباحات ولبسه، واللَّازم الطَّاعة والقربة عملًا بحديث الباب، ولا يلزم العمل بما عداهُ عملًا ببقيَّة الحديث. ثمَّ إنَّه ساقَ الآية بتمامها غير أبي ذرٍّ، وسقط في رواية أبي ذرٍّ قوله: <{فإنَّ الله يعلمه}...> إلى آخر الآية.