نجاح القاري لصحيح البخاري

باب: إذا قال أشهد بالله، أو: شهدت بالله

          ░10▒ (باب: إِذَا قَالَ) الشَّخص (أَشْهَدُ بِاللَّهِ، أَوْ شَهِدْتُ بِاللَّهِ) لأفعلنَّ كذا، ولم يبيِّن جواب هذا هل يكون يمينًا أو لا، ولا في حديث الباب صرَّح بذلك، فكأنَّه اعتمدَ على من يفحص عن ذلك في موضعه، وللعلماء في هذا الباب أقوال:
          أحدها: إن أشهد وأحلف وأعزم كلُّها يمينٌ يجب فيها الكفَّارة عند الحنفيَّة والحنابلة، وهو قول النَّخعي والثَّوري والرَّاجح عند الحنابلة ولو لم يقل: بالله. وقال ربيعة والأوزاعي: إذا قال: أشهد لا أفعل، فهي يمين لقوله تعالى: {إِذَا جَاءَكَ الْمُنَافِقُونَ قَالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ} [المنافقون:1]، ثم قال: {اتَّخَذُوا أَيْمَانَهُمْ جُنَّةً} [المنافقون:2]، فدلَّ على أنَّهم استعملوا ذلك في اليمين.
          ثانيها: أنَّه لا يكون يمينًا إلَّا إن أضاف إليه بالله، ومع ذلك فالرَّاجح أنَّه كنايةٌ فيحتاج إلى القصد وهو نصُّ الشَّافعي في ((المختصر))؛ لأنَّها تحتمل أشهد بأمر الله، أو بوحدانيَّته، وهذا قول الجمهور، والمشهور عند الشَّافعيَّة إذا لم يرد بالمضارع الوعد بالحلف وبالماضي الإخبار عن حلف ماضٍ، فإن أراد ذلك لم يكن يمينًا، فإن لم يذكر الله تعالى يعني: اسمه، أو صفته فليس بيمينٍ؛ / لفقد المحلوف به. وأُجيب عن آية المنافقين: بأنَّه ليس صريحًا لاحتمال أن يكونوا حلفوا مع ذلك، وقد قرأ الضَّحَّاك: ▬إِيمَانِهِمْ↨ بكسر الهمزة، وعن مالكٍ كالرِّوايات الثَّلاث.
          ثالثها: أنَّ أبا عبيد أنكر أن يكون أشهد يمينًا، وقال: الحالف غير الشَّاهد، ولو قال: أشهد بالله فهو يمينٌ.
          رابعها: إذا قال: أشهد بالكعبة، أو بالنَّبي، فلا يكون يمينًا.