نجاح القاري لصحيح البخاري

باب الصلاة على الشهيد

          ░72▒ (بابُ: الصَّلاَةِ عَلَى الشَّهِيدِ): قال الزين ابن المُنيِّر: والمراد هو المقتول في معركة الكفار، انتهى.
          ولا فرق في ذلك بين الرَّجل والمرأة والصَّغير والكبير والحر والرقيق والصَّالح والفاسق والعاقل والمجنون، ويدخل فيه من قُتِل ظلماً بأن يقتله أهل الحرب أو البغي أو قطاع الطَّريق ذاباً عن نفسه أو ماله أو أهله أو مسلم أو ذمي، أو أن يقتله المكابرون عليه في المصر ليلاً بسلاح أو غيره، أو نهاراً بسلاح، أو خارجه بسلاح أو غيره، كما في «شرح الطَّحاوي»، والله أعلم.
          وأمَّا من جرح وعاش بعد ذلك حياة مستقرَّة فهو خارجٌ عن حكم الشَّهيد، وكذا من مات في قتال المسلمين كأهل البغي، وكذا من يسمَّى شهيداً بسبب غير السَّبب المذكور كالغريق والمبطون فتسميتهم شهيداً باعتبار الثَّواب في الآخرة فقط.
          وإنَّما أطلق التَّرجمة ولم يفسِّر الحكم؛ لأنَّه ذكر في الباب حديثين: أحدهما: يدلُّ على نفيها وهو حديث جابرٍ ☺، والآخر يدلُّ على إثباتها وهو حديث عقبة ☺.
          ومن هنا وقع الاختلاف بين العلماء فقال الشَّافعي ومالك وأحمد وإسحاق في رواية: / إنَّ الشَّهيد لا يُصلَّىَ عليه كما لا يُغسَّل، وإليه ذهب أهل الظَّاهر، وقال بعض الشَّافعية: إنَّها حرامٌ.
          وقال بعضهم: معناه: لا تجب عليهم بل تجوز، واحتجُّوا في ذلك بحديث جابر ☺ المذكور في الباب.
          وذهب ابن أبي ليلى والحسن بن حي وعبيد الله بن الحسن وسليمان بن موسى وسعيد بن عبد العزيز والأوزاعي والثَّوري وأبي حنيفة وصاحباه وأحمد في رواية وإسحاق في رواية: إلى أن يُصلِّىَ عليه، وهو قول أهل الحجاز أيضاً.
          واحتجُّوا في ذلك بحديث عقبة ☺ [خ¦1344]، وسيجيء تفصيل هذا الباب إن شاء الله تعالى [خ¦1343].