نجاح القاري لصحيح البخاري

باب التكبير على الجنازة أربعًا

          ░64▒ (بابُ: التَّكْبِيرِ عَلَى الْجَنَازَةِ) وفي نسخة: <على الجنائز> (أَرْبَعاً) وقد مرَّ الكلام في عدد تكبيرات الجنازة في باب «الصُّفوف على الجنازة» [خ¦1319] مستقصى.
          (وَقَالَ حُمَيْدٌ) هو حميدُ بن أبي حميد الطَّويل الخزاعي البصري (صَلَّى بِنَا أَنَسٌ) ☺ على جنازة (فَكَبَّرَ ثَلاَثاً) منها تكبيرة الإحرام (ثُمَّ سَلَّمَ) ثمَّ انصرف ناسياً (فَقِيلَ لَهُ) يا أبا حمزة: إنَّك كبَّرت ثلاثاً (فَاسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةَ) / وصفُّوا خلفه (ثُمَّ كَبَّرَ) التَّكبيرة (الرَّابِعَةَ، ثُمَّ سَلَّمَ) قال الحافظ العسقلاني: لم أره موصولاً من طريق حميد.
          وروى عبد الرَّزَّاق، عن معمر، عن قتادة، عن أنس ☺ أنَّه كبَّر على جنازة ثلاثاً، ثمَّ انصرف ناسياً فقالوا: يا أبا حمزة إنَّك كبَّرت ثلاثاً قال: فصُفُّوا فصَفُّوا فكبَّر الرَّابعة.
          ورُوي عن أنس ☺ الاقتصار على ثلاث، قال ابن أبي شيبة في «مصنَّفه» من طريق معاذ بن معاذ، عن عمران بن حُدَير قال: صلَّيت مع أنس بن مالك ☺ على جنازة فكبَّر عليها ثلاثاً لم يزد عليها.
          وروى ابن المنذر من طريق حمَّاد بن سلمة، عن يحيى بن أبي إسحاق قال: قيل لأنس ☺: إنَّ فلاناً كبَّر ثلاثاً فقال: وهل التَّكبير إلَّا ثلاث؟
          قال مُغْلَطاي في «التَّلويح»: وإحدى الرِّوايتين وهم. وقال الحافظ العسقلاني وكذا العيني: يمكن التَّوفيق بينهما بأنَّه كان يرى الثَّلاث مجزئة والأربع أكمل منها، أو أنَّه يرى كذلك، ثمَّ استقرَّ على الأربع لمَّا ثبت عنده أنَّ الذي استقر عليه إجماع الصَّحابة هو الأربع كما مرَّ تفصيلاً [خ¦1319].
          أو أنَّ المراد من الثَّلاث غير تكبيرة الافتتاح كما ذكر فيما مضى [خ¦1322] من طريق ابن عُليَّة، عن يحيى بن أبي إسحاق: أنَّ أنساً ☺ قال: أوليس التَّكبير ثلاثاً؟ فقيل له: يا أبا حمزة التَّكبير أربع قال: أجل غير أن واحدة هي افتتاح الصَّلاة.
          قال ابن حبيب: إذا ترك بعض التَّكبير جهلاً أو نسياناً أتم ما بقي من التَّكبير، وإن رُفِعت إذا كان بقرب ذلك، فإن طال ولم يدفن أعيدت الصَّلاة عليها، وإن دفنتْ تركت.
          وفي «العتبية» نحوه عن مالك. وقال صاحب «التَّوضيح»: وعندنا خلاف في البطلان إذا رفعت في أثناء الصَّلاة، والأصحُّ الصحَّة وإن صلَّى عليها قبل وضعها ففي الصحَّة وجهان، وعندنا معشر الحنفيَّة كل تكبيرة قائمة مقام ركعة حتَّى لو ترك تكبيرة منها لا تجوز صلاته كما لو ترك ركعة.
          ولهذا قيل: أربع كأربع الظُّهر، والمسبوق بتكبيرة أو أكثر يقضيها بعد السَّلام ما لم ترفع الجنازة، ولو رفعت بالأيدي ولم توضع على الأكتاف يكبِّر في ظاهر الرِّواية.
          وعن محمَّد: إن كانت إلى الأرض أقرب يكبِّر، وإن كانت إلى الأكتاف أقرب لا يكبِّر، وقيل: لا يقطع حتَّى يتباعد.
          وفي «الأشراف»: قال ابن المسيَّب وعطاء والنَّخعي والزُّهري وابن سيرين والثَّوري / وقتادة ومالك وأحمد في رواية، وإسحاق والشَّافعي: المسبوق يقضي ما فاته متتابعاً قبل أن يرفع الجنازة، فإذا رفعت سلَّم وانصرف كقول أصحابنا. قال ابن المنذر: وبه أقول.
          وقال ابن عمر: لا يقضي ما فاته من التَّكبير، وبه قال الحسن البصري والسَّختياني والأوزاعي وأحمد في رواية، ولو جاء وكبَّر الإمام أربعاً ولم يسلِّم لم يدخل معه وفاتته الصَّلاة.
          وعند أبي يوسف والشَّافعي: يدخل معه ويأتي بالتَّكبيرات نسقاً إن خاف رفع الجنازة، وفي «المحيط»: وعليه الفتوى.