نجاح القاري لصحيح البخاري

باب من انتظر حتى تدفن

          ░58▒ (بابٌ) بالتنوين، وفي نسخة: بلا تنوين (مَنِ انْتَظَرَ) أي: الجنازة (حَتَّى تُدْفَنَ) أي: لم يفارقها إلى أن تدفنَ، وإنَّما لم يذكر جواب الشَّرط اكتفاء بما ذكر في الحديث، وقيل: إنَّما لم يذكر توقفاً عن إثبات الاستحقاق بمجرد الانتظار إذا خلا عن اتباع، وعدل عن لفظ «الشُّهود» كما هو في الحديث إلى لفظ «الانتظار» لينبِّه على أنَّ المقصود من الشُّهود إنَّما هو معاضدة أهل الميِّت والتَّصدي لمعونتهم، وذلك من المقاصد المعتبرة، كذا قاله الزَّين ابن المُنيِّر.
          وقال الحافظ العسقلاني: إنَّه اختار لفظ «الانتظار»؛ لكونه أعمُّ من المشاهدة فهو أكثر فائدة، أو أشار بذلك إلى ما ورد في بعض طرقه بلفظ «الانتظار» كما وقع في رواية معمر عند البزَّار من طريق ابن عجلان، عن أبيه، عن أبي هريرة ☺ بلفظ: ((فإن انتظرها حتَّى تدفن فله قيراط)).
          وقال العيني: وفي كلٍّ من الوجهين الأوَّلين نظر، أمَّا الأوَّل فلأنَّه إذا عاضد أهل الميِّت وتصدَّى لمعونتهم ولم يصلِّ لا يستحقُّ القيراط الموعود به، وكذلك إذا صلَّى ولم يحضر الدَّفن لا يستحقُّ القيراطين الموعود بهما، وإنَّما يستحقُّ قيراطاً واحداً.
          وأمَّا الثَّاني: فلأنَّا لا نسلم أنَّ الانتظار أعمُّ من المشاهدة كما لا يخفى.