الأبواب والتراجم لصحيح البخاري

باب: تلبس الحادة ثياب العصب

          ░49▒ (باب: تَلْبَس الحَادَّةُ ثِيَاب العَصْبِ)
          بفتح العين وسكون الصَّاد المهملتين وبالباء الموحَّدة، وهو / برود اليمن يُعصَب غَزْلُها، أي: يُجْمَع ويُشَدُّ ثُمَّ يُصْبَغ ويُنْسَج، فيأتي موشيًّا لبقاء ما عُصب منه أبيض لم يأخذه صبغٌ، يقال: بردُ عصبٍ وبردٌ وعصبٌ(1) بالتَّنوين والإضافة، وقيل: هي برودٌ مخطَّطةٌ، قال ابن الأَثير: فيكون نهي المعتدَّة عمَّا صُبغ بعد النَّسج. انتهى مِنْ كلام العينيِّ.
          وقال الحافظ: قوله: (إلَّا ثوب عصبٍ) وهي برود اليمن يُعصب غزلها، أي: يُربط ثُمَّ يُصبغ [ثمَّ] يُنسج معصوبًا، وإنَّما يعصب السدي(2) دون اللُّحمة، ثُمَّ ذكر أقوالًا أخر في «تفسيره» وقال أيضًا: قال ابن المنذر: أجمع العلماء على أنَّه لا يجوز للحادَّة لبسُ الثِّياب المعصفر ولا المصبغ إلَّا ما صُبغ بسوادٍ فرخَّص فيه مالكٌ والشَّافعيُّ لكونه لا يُتَّخذ للزِّينة، بل هو مِنْ لباس الحزن، وكره عروةُ العَصْب، وكره مالكٌ غليظَه.
          قال النَّوَويُّ: الأصحُّ عند أصحابنا تحريمه مطلقًا، وهذا الحديث حجَّةٌ لِمَنْ أجازه، وقال ابن دقيقِ العيد: يُفهَم مِنْ مفهوم الحديث جوازُ ما ليس بمصبوغٍ، وهي ثياب البيض، ومنع بعضُ المالكيَّة المرتفعَ منها الَّذي يُتزيَّن به، وكذلك الأسود إذا كان ممَّا يتزيَّن به، قال النَّوَويُّ: ورخَّص أصحابنا فيما لا يُتزيَّن به ولو كان مصبوغًا. انتهى.
          والحاصل أنَّها لا تلبس العَصْب عند الحنفيَّة مطلقًا، وهو الأصحُّ عند الشَّافعيِّ كما قال النَّوَويُّ، وقوله الآخر أنَّه يجوز مطلقًا، وأجاز الإمام مالكٌ غليظه دون رقيقِه، كما صرَّح بذلك في «موطَّئه».
          وعن أحمد فيه روايتان:
          إحداهما_وهو الأصحُّ _: أنَّه يحرم، قال الموفَّق: وما صُبغ غزلُه ثُمَّ نُسج فيه احتمالان:
          إحداهما: يحرم لبسه فإنَّه(3) أرفع وأحسن، ولأنَّه مصبوغٌ للحسُنْ، فأشبه ما صُبغ بعد نسجِه.
          والثَّاني: لا يحرم لقوله صلعم: ((إلَّا ثوب عصبٍ))، وهو ما صُبغ غزلُه قبل نسجِه، والأوَّل أصحُّ. انتهى.


[1] في (المطبوع): ((وبرود عصب)).
[2] في (المطبوع): ((السدَى)).
[3] في (المطبوع): ((لأنه)).