الأبواب والتراجم لصحيح البخاري

باب: إذا طلقها ثلاثا ثم تزوجت بعد العدة زوجا غيره فلم يمسها

          ░37▒ (باب: إذا طَلَّقَها ثَلاثًا ثُمَّ تزوَّجَت بعد العِدَّة زَوْجًا غَيْرَه فَلَم يَمَسَّها)
          أي: هل تحلُّ للأوَّل إن طلَّقها الثَّاني بغير مسيسٍ؟ قاله الحافظ.
          قال العَينيُّ: وجواب (إذا) محذوفٌ، أي: لا تحلُّ للأوَّل إلَّا بطلاق الزَّوج الثَّاني، وكان قد وطئها، وهذا لا خلاف فيه إلَّا لسعيد(1) بن المسيِّب، فإنَّه قال: العقد(2) الصَّحيح كافٍ، ويحصل به التَّحليل للزَّوج الأوَّل، ولم يوافقه على هذا أحدٌ إلَّا طائفةٌ مِنَ الخوارج، وقيل: إنَّ ابن المسيِّب رجع عن مذهبه، وقال الحسن البصريُّ: الإنزال شرطٌ وزعم أنَّ معنى العُسيلة الإنزالُ، وخالفه سائر الفقهاء فقالوا: التقاء الختانين يحلُّها للزَّوج الأوَّل. انتهى مختصرًا.
          قال القَسْطَلَّانيُّ: وليس المراد طلاقَ الملاعن، لأنَّ الملاعِنة لا تعود للَّذي لاعن منها، ولو تزوَّجت عشرةً سواءٌ وطئها أو لم يطأها. انتهى.
          قلت: وهكذا في «الفتح» وهو الصَّواب، وتوهَّم العلَّامة العينيُّ فشرح التَّرجمة بطلاق الملاعِن، ثُمَّ لا يخفى عليك أنَّ هذا الباب لا تعلُّق له باللِّعان، بل هو متعلِّقٌ بالعدَّة، ولذا قال الحافظ:
          تنبيه: لم يُفْرَد كتاب العدَّة عن كتاب اللِّعان فيما وقفت عليه مِنَ النُّسخ، ووقع في «شرح ابن بطَّالٍ» قبل الباب الَّذي يلي هذا، وهو (باب: {وَاللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ} [الطلاق:4]): <كتاب العدَّة>، ولبعضهم: <أبواب العدَّة> والأَولى إثبات ذلك هنا فإنَّ هذا الباب لا تعلُّق له باللِّعان، ثُمَّ ذكر ما تقدَّم عن القَسْطَلَّاني / كتاب العدَّة.
          هكذا في «هامش النُّسخ الهنديَّة» معلَمًا بعلامة النُّسخة، وهكذا في «نسخة العينيِّ» بلفظ: <كتاب العدَّة> وليس في متن «النُّسخ الهنديَّة» ولا في «نسخة الفتح والقَسْطَلَّانيِّ»، وتقدَّم بيان اختلاف النُّسخ في الباب السَّابق.
          قال العلَّامة العينيُّ: والعدَّة: اسمٌ لمدَّةٍ تتربَّص بها المرأة عن الزَّوج بعد وفاة زوجها أو فراقه لها إمَّا بالولادة أو بالأقراء أو بالأشهر.
          قلت: العدَّة: مصدرٌ مِنْ عَدَّ يَعُدُّ، يقال: عَدَدْتُ الشَّيءَ إذا أحصيتَه، وفي الشَّرع: هي تربُّصٌ، أي: انتظار مدَّةٍ تلزم المرأة عند زوال النِّكاح أو شبهه... إلى آخر ما بسط.


[1] في (المطبوع): ((سعيد)).
[2] قوله: ((العقد)) ليس في (المطبوع).