الأبواب والتراجم لصحيح البخاري

باب: {وأولات الأحمال أجلهن أن يضعن حملهن}

          ░39▒ (باب: {وَأُولَاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ} [الطلاق:4])
          يتناول المطلَّقاتِ والمتوفَّى عنهنَّ أزواجهنَّ، قاله القَسْطَلَّانيُّ، وقال أيضًا تحت حديث الباب: وهو مخصَّصٌ كآية الطَّلاق لعموم قوله تعالى: {وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا} [البقرة:234] ثُمَّ قال: وهذا قد أجمع عليه جمهور العلماء مِنَ السَّلف، وأئمَّة الفتوى في الأمصار إلَّا ما رُوي عن عليٍّ أنَّها تعتدُّ آخِر الأجَلين، يعني: إن وضعت قبل الأربعة الأشهر والعشر تربَّصت إلى انقضائها ولا تحلُّ بمجرَّد الوضع، وإن انقضت المدَّة قبل الوضع تربَّصت إلى الوضع، وبه قال ابن عبَّاسٍ لكن رُوي أنَّه رَجَع عنه. انتهى.
          قال الحافظ: وبه_أي بقول عليٍّ _ قال ابن عبَّاسٍ ويقال: إنَّه رجع عنه، ويقوِّيه أنَّ المنقول عن أتباعه وفاقُ الجماعة في ذلك، وتقدَّم في تفسير الطَّلاق أنَّ عبد الرَّحمن بن أبي ليلى أنكر على ابن سِيرين القول بانقضاء عدَّتها بالوضع، وأنكر أن يكون ابنُ مسعودٍ قال بذلك، وقد ثبت عن ابن مسعودٍ مِنْ عدَّة طرقٍ أنَّه كان يوافق الجماعة حتَّى كان يقول: مَنْ شاء لاعنتُه على ذلك.
          وقد وافق سُحنون مِنَ المالكيَّة عليًّا، نقله المازَريُّ وغيره، وهو شذوذٌ مردودٌ ولأنَّه(1) إحداث خلافٍ بعد استقرار الإجماع، والسَّبب الحامل له الحرصُ على العمل بالآيتين اللَّتين تعارضا(2) عمومهما، وقال ابن عبد البرِّ: لولا حديث السُّبيعة لكان القولُ ما قال عليٌّ وابن عبَّاسٍ، لأنَّهما عدَّتان مجتمعتان بصِفةٍ(3)، وقد اجتمعتا في الحامل المتوفَّى عنها زوجها، فلا تخرج مِنْ عدَّتها إلَّا بيقينٍ، واليقين آخرُ الأجلين. انتهى ملخَّصًا مِنَ «الفتح».
          وتقدَّم الكلام على مسألة الباب في تفسير سورة البقرة أيضًا.


[1] في (المطبوع): ((لأنه)).
[2] في (المطبوع): ((تعارض)).
[3] في (المطبوع): ((بصفتين)).