الأبواب والتراجم لصحيح البخاري

باب: {قد سمع الله قول التي تجادلك في زوجها}

          ░23▒ <باب: {قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا} الآية(1) [المجادلة:1]>
          كذا في «النُّسخة الهنديَّة»، وفي «نسخ الشُّروح الثَّلاثة»: <باب: الظِّهار وقول الله تعالى...> إلى آخره، ولم يتعرَّضوا عن اختلاف النُّسخ، وفي «الأوجز»: والظِّهار_بكسر الظَّاء المعجمة _: مصدر ظاهَرَ، مفاعلةٌ مِنَ الظَّهر.
          قال الحافظ: الظِّهار: قول الرَّجل لامرأته: أنت عليَّ كظهر أمِّي، وإنَّما خصَّ الظَّهر بذلك دون سائر الأعضاء، لأنَّه محلُّ الرُّكوب غالبًا، ولذلك سمِّي المركوب ظهرًا، فشبِّهت الزَّوجة بذلك، لأنَّها مركوب الرَّجل. انتهى.
          وذُكر في «الأوجز» في ذلك وجوهٌ أخر، / فارجع إليه لو شئت.
          وكذا بُسط فيه فروعٌ عديدةٌ ممَّا يتعلَّق بالظِّهار.
          وقال العَينيُّ: ثُمَّ الكلام فيه على أنواعٍ:
          الأوَّل: سبب نزول هذه الآيات، ثُمَّ بسطَها.
          النَّوع الثَّاني: في صورة الظِّهار، واعلم أنَّ الألفاظ الَّتي يصير به المرء مظاهرًا على نوعين: صريحٌ نحو: أنتِ عليَّ كظهر أمِّي، أو أنتِ عندي كظهر أمِّي، وكنايةٌ نحو: أن يقول أنت عليَّ كأمِّي، أو مثل أمِّي أو نحوهما يُعتبر فيه نيَّته، وإن أراد ظِهارًا كان ظِهارًا، وإن لم ينو لا يصير مظاهرًا، وعند محمَّد بن الحسن: هو ظِهارٌ، وعن أبي يوسف: هو مثله إن كان في الغضب، وعنه أن يكون إيلاءً، وإن نوى طلاقا كان طلاقًا بائنًا.
          النَّوع الثَّالث: لا يكون الظِّهار إلَّا بالتَّشبيه بذات مَحْرمٍ، فإذا ظاهر بغير ذات محرمٍ فليس بظهارٍ، وبه قال الحسن وعطاءٌ، وهو قول أبي حنيفة والشَّافعيِّ في قولٍ، وعنه_وهو أشهر أقواله _: إنَّ كلَّ مَنْ ظاهر بامرأةٍ حلَّ له نكاحُها يومًا مِنَ الدَّهر فليس ظِهارًا، ومَنْ ظاهر بامرأةٍ لم يحلَّ له نكاحها قطُّ فهو ظِهارٌ، وقال مالكٌ: مَنْ ظاهر بذات مَحرمٍ أو بأجنبيَّةٍ فهو كلُّه ظهارٌ، وعن الشَّعبيِّ أنَّه لا ظهار إلَّا بأمٍّ أو جدَّةٍ، وهو قولٌ للشَّافعيِّ، وبه قالت الظَّاهريَّة.
          النَّوع الرَّابع: فيمن يصحُّ منه الظِّهار، ثُمَّ بسط الاختلاف فيه.
          والنَّوع الخامس: في بيان الكفَّارة، وهو تحرير رقبةٍ قبل الوطء سواءٌ كانت ذكرًا أو أنثى، صغيرةً أو كبيرةً، مسلمةً أو كافرةً لإطلاق النَّصِّ، وقال الشَّافعيُّ: لا تجوز الكافرة، وبه قال مالكٌ وأحمد... إلى آخر ما بسط.
          وفي «هامش الهنديَّة»: واختُلف فيما إذا لم يعيِّن الأمَّ بأنْ قال مثلًا: كظهر أختي، فعن الشَّافعيِّ في القديم لا يكون ظِهارًا بل يختصُّ بالأمِّ، وقال في الجديد: يكون ظِهارًا وهو قول الجمهور، وعليه الحنفيَّة، [قوله]: (وقول الله تعالى: {قَدْ سَمِعَ اللَّهُ} إلى آخره [المجادلة:1]) واستدلَّ بقوله: {وَإِنَّهُمْ لَيَقُولُونَ مُنْكَرًا مِنَ الْقَوْلِ وَزُورًا} [الآية] [المجادلة:2] على أنَّ الظِّهار حرامٌ.
          وقد ذكر المصنِّف في الباب آثارًا واقتصر على الآية وعليها وكأنَّه أشار بذكر الآية إلى الحديث المرفوع الوارد في سبب ذلك، وقد ذكر بعض طرقه تعليقًا في أوائل كتاب التَّوحيد مِنْ حديث عائشة، وفيه تسمية المظاهر وتسمية المجادِلة، وهي الَّتي ظاهر منها، والرَّاجح أنَّها خولة بنت ثعلبة، وأنَّه أوَّل ظهارٍ كان في الإسلام، كذا في «الفتح». انتهى ما في «الهامش».


[1] قوله: ((الآية)) ليس في (المطبوع).