الأبواب والتراجم لصحيح البخاري

باب: لا طلاق قبل النكاح

          ░9▒ ([باب:] لاَ طَلاَقَ قَبْلَ النِّكَاحِ)
          كتب الشَّيخ قُدِّسَ سِرُّهُ في «اللَّامع»: وأنت تعلم أنَّا لم نقل بوقوعه قبل النِّكاح حتَّى يجري علينا شيءٌ مِنِ احتجاجاته الَّتي ساقها. انتهى.
          وفي «هامشه»: قال العَينيُّ: قال الكَرمانيُّ: في(1) مذهب الحنفيَّة أنَّ الطَّلاق يقع(2) قبل النِّكاح فأراد البخاريُّ الرَّدَّ عليه، قال العَينيُّ: لم تقل الحنفيَّة: إنَّ الطَّلاق يقع قبل وجود النِّكاح وليس هذا بمذهبٍ لأحدٍ، فالعجب مِنَ الكَرْمانيِّ ومَنْ وافقه في كلامه هذا كيف يصدر منهم مثل هذا الكلام؟ إلى آخر ما ذكر.
          والمسألة خلافيَّةٌ شهيرةٌ بسطت في «الأوجز» وفيه أنَّ العلماء كافَّةً أجمعوا على أنَّ تنجيز الطَّلاق على الأجنبيَّة لا يصحُّ، أمَّا تعليق الطَّلاق فالخلاف فيه شهيرٌ معروفٌ في الفقه والأصول، ومذهب الحنفيَّة في ذلك أنَّ الرَّجل إذا علَّق الطَّلاق، أو العِتق على الملك أو سبب الملك فيصح ُّالتَّعليق وينفذ في الطَّلاق والعِتق معًا، مثل أن يقول الرَّجل: إذا زوِّجتُ فلانةَ فهي طالقٌ، أو إن ملكتُ هذا العبد فهو حرٌّ، فينفذ الطَّلاق والعتق في الصُّوَر كلِّها عندنا الحنفيَّة، ولا يصحُّ الطَّلاق ولا العتق عند الشَّافعيَّة لا تنجيزًا_كما تقدَّم _ ولا تعليقًا ولا تعميمًا ولا تخصيصًا.
          وللإمام أحمد في ذلك ثلاث رواياتٍ:
          الأولى: مثل الحنفيَّة.
          والثَّانية: مثل الشَّافعيَّة.
          والثَّالثة: التَّفريق بين الطَّلاق والعتق.
          ففي الطَّلاق: مثل الشَّافعيَّة.
          وفي العتق: مثل الحنفيَّة، واختلفت الحنابلة في التَّرجيح، فمنهم مَنْ رجَّح الرِّواية الثَّانية كالموفَّق، ومنهم اختار الثَّالثة كالخَرقيِّ.
          وللإمام مالكٍ في ذلك ثلاث رواياتٍ:
          الأولى: المرجوحة [وهي] عدم الوقوع مطلقًا وهي رواية ابن وهبٍ والمَخْزُوْمِيِّ عنه.
          والثَّانية: التَّوقُّف في ذلك.
          والثَّالثة: الرَّاجحة في المذهب، والمشهور المعروف مِنْ مذهبه والمختار عند المالكيَّة أنَّه إن عيَّن امرأةً أو عبدًا مثل أن يقول: إن تزوَّجت هذه المرأةَ أو ملكت هذا العبدَ، أو نسبهما إلى قبيلةٍ أو مكانٍ أو زمانٍ لزمه الطَّلاقُ و(3)العتق، وإن أطلق وعمَّم مثل أن يقول: كلُّ امرأةٍ أتزوَّجها، أو كلُّ عبدٍ ملكت فلا ينفذ الطَّلاق ولا العِتق... إلى آخر ما بسط(4) في «الأوجز»، كذا في «هامش اللَّامع».


[1] قوله: ((في)) ليس في (المطبوع).
[2] في (المطبوع): ((صحة الطلاق)) بدل قوله: ((أن الطلاق يقع)).
[3] في (المطبوع): ((أو)).
[4] في (المطبوع): ((بسطه)).