التلقيح لفهم قارئ الصحيح

{وما خلق الذكر والأنثى}

          قوله: (وَ{الذَّكَرَ وَالْأُنثَى}[الليل:3]): هو مجرور، وهي قراءة عليٍّ وابن عبَّاس أيضًا، قال القاضي عياض: قال المازريُّ: يجب أن يُعتَقد في هذا الخبر وما في معناه أنَّ ذلك كان قرآنًا، ثُمَّ نُسِخ، ولم يَعلَم مَن خَالَفَ النسخَ، فبقي على النَّسْخِ، قال: ولعلَّ هذا وقع عن بعضهم قبل أن يبلغَهم مصحفُ عثمان المُجمَعُ عليه المحذوفُ منه كلُّ منسوخٍ، وأمَّا بعد ظهور مصحف عثمان؛ فلا يُظَنُّ بأحد منهم أنَّه خالف فيه، وأمَّا ابن مسعود؛ فقد رُوِيَت عنه رواياتٌ كثيرةٌ، منها ما ليس بثابت عند أهل النقل، وما يثبت منها مخالفًا لما قلناه؛ فهو محمولٌ على أنَّه كان يكتب في مصحفه بعضَ الأحكام والتفاسير ممَّا يعتقد أنَّه ليس بقرآن، وكان لا يعتقد تحريم ذلك، وكان يراه كصحيفة يُثْبِتُ فيها ما شاء، وكان يرى عثمانُ والجماعةُ منعَ ذلك؛ لئلَّا يتطاول الزَّمانُ، ويُظَنَّ ذلك قرآنًا، فعاد الخلاف إلى مسألة فقهيَّة؛ وهو أنَّه هل يجوز إلحاق بعض التفاسير في أثناء المصحف؟ قال: ويحتمل ما رُوِيَ من إسقاط المعوِّذتَين من مصحف ابن مسعود أنَّه اعتقد أنَّه لا يلزمه كَتْبُ كلِّ القرآن، فكتب ما سواهما وتركهما؛ لشهرتهما عنده وعند الناس، والله أعلم، انتهى، وسأذكر في المعوِّذتين كلام ابن مسعود فيهما، وما قيل عنه فيهما، والله أعلم.