التوضيح لشرح الجامع البخاري

باب قول النبي: رجل أتاه الله القرآن

          ░45▒ باب قَوْلِ النَّبِيِّ صلعم: (رَجُلٌ أَتَاهُ اللهُ القُرآنَ فَهْوَ يَقُومُ بِهِ آَنَاءَ اللَيْلِ وَالنَّهَارِ، وَرَجُلٌ يَقُولُ: لَوْ أُوتِيْتُ مِثْلَ مَا أُوتِيَ هَذَا فَعَلْتُ كَمَا يَفْعَلُ).
          فَبَيَّنَ أنَّ قِيَامَهُ بِالكِتَابِ هُوَ فِعْلُهُ وَقَالَ تعالى: {وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ} [الروم:22]. وَ قَالَ: {وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} [الحج:77].
          7528- ثُمَّ ساق البُخَارِيُّ ترجمة الباب مِن حَديث أبِي هُريرَة ☺: (لا تَحَاسُدَ إِلاَّ فِي اثْنَتَيْنِ: رَجُلٌ آَتَاهُ اللهُ القُرآَنَ فَهْوَ يَتْلُوهُ آَنَاءَ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ، فَهْوَ يَقُولُ: لَوْ أُوتِيْتُ مِثْلَ مَا أُوتِيَ هَذَا لَفَعَلْتُ كَمَا يَفْعَلُ، وَرَجُلٌ آَتَاهُ اللهُ مَالًا فَهْوَ يُنْفِقُهُ فِي حَقِّهِ، يقول: لَوْ أُوتِيْتُ مِثْلَ مَا أُوتِيَ هذا عَمِلْتُ فِيْهِ مِثْلَ مَا يَعْمَلُ).
          7529- ثمَّ قال: حدَّثنا عَلِيٌّ بْنُ عَبْدِ اللهِ، حدَّثنا سُفْيَانُ، قَالَ الزُّهْرِيُّ، عَنْ سَالِمٍ، عَنْ أَبِيْهِ، عَنِ النَّبِيِّ صلعم قَالَ: (لاَ حَسَدَ إِلاَّ في اثْنَتَيْنِ: رَجُلٌ آَتَاهُ اللهُ القُرآَنَ فَهْوَ يقوم به آَنَاءَ اللَّيْلِ وَآَنَاءَ النَّهَارِ، وَرَجُلٌ آَتَاهُ اللهُ مَالًا فَهْوَ يُنْفِقُهُ آَنَاءَ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ). سَمِعْتُ سُفْيَانَ مِرَارًا لم أَسْمَعْهُ يَذْكُرُ الخَبَرَ، وَهْوَ مِنْ صَحِيحِ حَدِيثِهِ.
          رواه الحُمَيديُّ: حدَّثنا سُفْيَانُ، حدَّثنا الزُّهْرِيُّ، عَنْ سَالِمٍ فذكر نحوه. وَقَد سَلَفَ الكلام عليه [خ¦73]، وَهْوَ ظاهِرٌ لمن تأوَّله وكَاَنَ ذا قلبٍ سَلِيمٍ.
          و(آنَاءَ اللَّيْلِ): ساعاتُهُ، قال الأخفشُ: واحدها / إِنًى مثل مِعًى، وقال بعضهم: واحدها إنوى، وَقَد سَلَفَ أنَّ المراد بالحَسَد هنا التغبُّط لا المذمومُ الذي هُوَ تمنِّي زوال النِّعمة.
          قال الدَّاودِيُّ: والحَسَدُ: التنافُسُ والمسابقة فِي النِّيَّة والفعل. قَالَ: والحَسَدُ المكروه أَنْ يُبغض المرء غيره لِمَا يُعْطِيه الله مِن فضل الخير كما حَسَد إبليسُ آدمَ حين أسجدَ له ملائكتَهُ وأمره بالسُّجُود له فأبى.