التوضيح لشرح الجامع البخاري

قول الله تعالى: {كل شيء هالك إلا وجهه}

          ░16▒ باب قَوْلِ اللهِ تَعَالى: {كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ} [القصص:88]
          7406- ذكر فِيْهِ حَديث جابرِ بنِ عَبْد اللهِ ☻ قَالَ: لَمَّا نَزَلَتْ هَذِه الآَيَة: {قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَابًا مِنْ فَوْقِكُمْ} [الأنعام:65] قَالَ النَّبِيُّ صلعم: (أَعُوذُ بِوَجْهِكَ). الحَدِيْث، وقد سَلَف [خ¦4628]، قال سُفْيَانُ فِي قَوْلُهُ: {إِلَّا وَجْهَهُ} وقال أبُو عُبَيدةَ: إلَّا جاهَهُ، واحتجَّ بقوله: لفلانٍ جاهٌ فِي النَّاس أَيْ: وجهٌ، وقيل: إلَّا إيَّاه كقولك: أكرمَ الله وجهَه، وفلانٌ وجهُ القوم.
          واستدلاله مِن هَذِه الآَيَة والحديث عَلَى أنَّ لله وجهًا هُوَ صِفة ذاته، لا يُقَالُ: هُو هُو ولا هو غيره بخِلاف قول المعتزلة، ومُحَالٌ أَنْ يُقَالُ هُو جارحةٌ كالذي نعلمُهُ مِن الوجوه، كما لا يُقَالُ: هُو تَعَالَى فاعلٌ وحيٌّ وعالِمٌ كالفاعلين والأحياءِ والعلماء الَّذِيْنَ نُشاهدهم وإذا استحالَ قياسه تَعَالَى عَلَى الشاهد والحكم له بحكمهم مَعَ مشاركتهم له فِي التسمية، كذلك يَستحيل الحكم لوجهه تَعَالَى الَّذِي هُوَ صفةُ ذاتِهِ بحكم الوجوه التي نشاهدها، وإنَّما لَمْ يَجُز أن يُقَالُ: إنَّ وجهه جارحةٌ لاستحالة وصفِهِ تَعَالَى بالجوارح؛ لِمَا فيها مِن أثر الصَّنعة ولم يقلْ فِي وجهه: إنَّه هُو لاستحالة كونه تَعَالَى وجهًا.
          وقد اجتمعت الأمَّة عَلَى أنَّه لا يُقَالُ: يا وجهُ اغفر لي، ولم يَجُز أَنْ يكون وجهه غيره لاستحالة مفارقته له بزمانٍ أَوْ مكانٍ أَوْ عدمٍ أَوْ وجودٍ، فثبتَ أنَّ له وجهًا لا كالوجوه لأنَّه ليس كمثلهِ شيءٌ.