التوضيح لشرح الجامع البخاري

باب الدعاء للمتزوج

          ░53▒ بابُ الدُّعَاءِ للمُتَزَوِّجِ.
          6386- ذكر فيه حديث أنسٍ ☺ (رَأَى النَّبِيُّ صلعم عَلَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ أَثَرَ صُفْرَةٍ، فَقَالَ: مَهْيَمْ، أَوْ مَهْ، قَالَ: قَالَ: تَزَوَّجْتُ امْرَأَةً عَلَى وَزْنِ نَوَاةٍ مِنْ ذَهَبٍ، فَقَالَ: بَارَكَ اللهُ لَكَ، أَوْلِمْ وَلَوْ بِشَاةٍ).
          سلف في النِّكاح [خ¦3084].
          6387- ثمَّ قال: حدَّثنا أبو النُّعْمَانِ، حدَّثنا حمَّاد بن زيدٍ عن عَمْرٍو، عن جابرٍ ☺ قال: (هَلَكَ أَبِي وَتَرَكَ سَبْعَ بنات أَوْ تِسْعَ بَنَاتٍ، فَتَزَوَّجْتُ امْرَأَةً، فَقَالَ ◙: تَزَوَّجْتَ...) الحديثَ.
          ثمَّ قال: لم يقل ابن عُيَيْنَةَ، ومحمَّدُ بن مسلمٍ _يعني: الطَّائفِيَّ_ عن عَمْرٍو: (بَارَكَ اللهُ عَلَيْكَ) يعني بذلك ما تقدَّم عنده مسندًا [خ¦4052]، وفيه ما ترجم له، وهو الدُّعاءُ للمتزوِّجِ حيث قال لعبد الرحمن: (بَارَكَ اللهُ لَكَ)، وقال لجابرٍ: (بَارَكَ اللهُ عَلَيْكَ)، وجاء في الحديث النَّهيُ عن أن يُقال: بالرِّفَاءِ والبَنِين، وليس إسناده بالقويِّ.
          وفي النَّسائيِّ عن الحسنِ: ((تزوَّج عَقِيلُ بن أبي طالبٍ امرأةً مِن بني جُشَمَ فقيل له: بالرِّفَاءِ والبَنِين، فقال: قولوا كما قال رسول الله صلعم: بارك الله فيكم وبارك عليكم وبارك لكم)).
          وفي التِّرْمِذيِّ: كان صلعم إذا رفَّأ الإنسان إذا تزوَّج قال: ((بارك الله لك، وبارك عليك، وجمع بينكما في خيرٍ)) ثمَّ قال: حديثٌ حسنٌ.
          ومعنى بالرِّفَاء والبَنِين: حُسن الصحبة، والبَنُون الذُّكُور، وأمَّا الرِّفاء: الارتفاقُ والالتئامُ، وأصله الهمز، قال ابن السِّكِّيت: وإن سُهِّل كان معناه السُّكُون والطَّمأنينة، فيكون أصله غير الهمز، مِن قولهم: رَفَوْتُ الرَّجُلَ: إذا سَكَّنْتَهُ، ورُويَ عن عُمَرَ ☺ أنَّه أتى أصحابَهُ يومًا فقال: رفُّوني.
          و(مَهْيَمْ؟) قال الهَرَويُّ: كلمةٌ يمانيَةٌ. وفي «الصِّحاح»: هي كلمةٌ يُستفهم بها معناها: ما حالُك وما شأنُك؟.
          والنَّواة: اسمٌ لمقدارٍ معلومٍ، قال ابن وَهْبٍ: كانت خمسة دراهمَ ولم يكن ثمَّ ذهبٌ، كما تُسمَّى الأربعون أُوقيَّةً والعشرون نشًّا. وقال أبو عُبَيدٍ: النَّواةُ خمسةُ قَرَارِيط، وقال أحمد: وزن نَوَاةٍ مِن ذهبٍ ثلاثةُ دَرَاهِمَ وثُلُثٍ، وقال إسحاق: وزنُ خمسةِ دَرَاهِمَ ونَصْفٍ.
          فَصْلٌ: وفي الحديث ردٌّ على أبي حنيفةَ الذي لا يُجيز الصَّدَاقَ عندَهُ / بأقلَّ مِن عشرة دَارَهِمَ.
          وقوله: (أَوْلِمْ وَلَوْ بِشَاةٍ) ظاهرٌ في الوجوب، وهو قول بعض أصحابنا، والأصحُّ الندبُ وهو قول مالكٍ.
          وفيه أنَّ الوليمة تكون بعد البناء، وهو قول ابن الجلَّاب منهم.
          فَصْلٌ: وقوله في حديث جابرٍ (هَلَّا جَارِيَةً تُلاَعِبُهَا وَتُلاَعِبُكَ) هذا استعجالٌ وحَثٌّ، و(تُلاَعِبُهَا): مِن اللَّعِب، وقيل: مِن اللُّعاب، وقد سلف [خ¦2097].