التوضيح لشرح الجامع البخاري

باب

          ░13▒ باب.
          6320- ذكر فيه حديث زهيرٍ، حدَّثنا عُبَيدُ اللهِ بن عُمَرَ، حدَّثني سعيدُ بن أبي سعيدٍ المَقْبُرِيُّ، عن أبيه، عن أبي هُرَيْرَةَ ☺: قال النَّبيُّ صلعم: (إِذَا أَوَى أَحَدُكُمْ إِلَى فِرَاشِهِ فَلْيَنْفُضْ فِرَاشَهُ بِدَاخِلَةِ إِزَارِهِ، فَإِنَّهُ لاَ يَدْرِي مَا خَلَفَهُ عَلَيْهِ، ثُمَّ يَقُولُ: بِاسْمِكَ رَبِّي وَضَعْتُ جَنْبِي وَبِكَ أَرْفَعُهُ، إِنْ أَمْسَكْتَ نَفْسِي فَارْحَمْهَا، وَإِنْ أَرْسَلْتَهَا فَاحْفَظْهَا بِمَا تَحْفَظُ بِهِ عِبَادَكَ الصَّالِحِينَ)، تابعه أبو ضَمْرَةَ وإسماعيلُ بن زكَرِيَّاءَ، عن عُبيدِ الله، وقال يحيى وبشرٌ: عن عُبَيد الله عن سعيدٍ عن أبي هُرَيْرَةَ ☺، عن النَّبيِّ صلعم، ورواه مالكٌ وابن عَجْلَانَ، عن سعيدٍ، عن أبي هُرَيْرَةَ ☺، عن النَّبيِّ صلعم.
          الشَّرح: كذا هو في الأصول: (باب) ولم يترجم له، وابن بطَّالٍ أدخله في الباب الأوَّل.
          ومتابعة أبي ضَمْرةَ أخرجها مسلمٌ عن إسحاقَ بن موسى عن أنسٍ بن عِيَاضٍ _هو أبو ضَمْرَةَ_ حدَّثنا عُبَيد الله.
          ومتابعة ابن عَجْلَانَ أخرجها التِّرْمِذيُّ عن ابن أبي عُمَرَ عن سُفْيَانَ، والنَّسائيُّ عن قُتَيبةَ عن يعقوبَ بن عبد الرحمن، كِلَاهما عن ابن عَجْلَانَ عن سعيدٍ به، وقال التِّرْمِذيُّ: حديثٌ حسنٌ.
          ومتابعة يحيى أخرجها النَّسائيُّ عن عَمْرِو بن عليٍّ وابن المثنَّى عنه، و(بشر) هذا هو ابن المُفَضَّلِ بن لاحِقٍ الرَّقَاشِيُّ.
          ومتابعة مالكٍ أخرجها الدَّارَقُطنيُّ في كتابه حديث مالكٍ «الغرائب»، عن أبي بكرٍ النَّيْسَابُورِيِّ إلى عبد العزيز بن عبد الله الأُوَيْسِيِّ قال: حدَّثني عبدُ الله بن عُمَرَ العُمَرِيُّ، ومالكُ بن أنسٍ، عن سعيدِ بن أبي سعيدٍ، عن أبي هُرَيْرَةَ عن رسول الله صلعم: ((إذا أتى أحدُكُم فراشَهُ فليَنْفُضْه بِصَنِفَةِ ثوبِهِ ثلاثَ مرَّاتٍ فإنَّه لا يدرِي ما خَلَفَهُ عَلَيه)) الحديث، قال: ومالكٌ لم يذكر في حديثه: ((ما خَلَفَه عليه)). ثمَّ قال: هذا حديثٌ غريبٌ مِن حديث مالكٍ عن المَقْبُرِيِّ، عن أبي هُرَيْرَةَ، ولا أعلم أسنده عنه غير الأُوَيْسِيِّ. ورواه إبراهيمُ بن طَهْمَانَ عن مالكٍ مرسلًا عن سعيدٍ، قال رسول الله صلعم. قال، وقال لنا أبو بكر النَّيْسَابُورِيُّ: هذا حديثٌ صحيحٌ عن المَقْبُرِيِّ.
          وأما عُبَيد الله بن عُمَرَ فاختُلِف عليه فرواه عنه جماعةٌ مِن أصحابه منهم: أبو بدرٍ شجاعُ بن الوليد، وعبدُ الله بن رَجَاءٍ، وعبَّادُ بن عبَّاد المُهَلَّبِيُّ _واختُلف عنه_ وحسنُ بن صالحٍ، وهُرَيْمُ بن سُفْيَانَ، وجَعْفرُ بن زيادٍ الأحمرُ، وخالدُ بن حُمَيدٍ، فرووه عن عبيد الله عن سعيدٍ عن أبيه عن أبي هُرَيْرَةَ. وخالفهم هِشَامُ بن حسَّانَ ومُعْتَمِرُ بن سُلَيْمَانَ وعبدُ الله بن كَثِيرٍ وغيرهم، فرووه عن عُبَيد الله عن سعيدٍ عن أبي هُرَيْرَةَ، كما رواه مالك.
          ورواه النَّسائيُّ عن محمَّد بن حاتمٍ عن سُويدٍ عن ابن المبارك، عن عُبَيد الله عن سعيدٍ، عن أبي هُرَيْرَةَ قولَهُ، ولم يرفعه.
          ومتابعة إسماعيلُ بن زكريَّا رواها الحارثُ بن أبي أسامَةَ في «مسنده» عن يُونُسَ بن محمَّدٍ عنه، وقال الإسماعيليُّ: رواه عبد الله بن رَجَاءٍ المكِّيُّ، سمعتُ إسماعيلَ بن أميَّةَ، وعبيدَ الله بن عُمَرَ، عن سعيد بن أبي سعيدٍ، عن أبيه _أو عن أخيه_ عن أبي هُرَيْرَةَ أخبرنيه هَارُونُ بن يُوسُفَ، حدَّثنا ابن أبي عُمَرَ، حدَّثنا ابن رَجَاءٍ به. قال: وقال هشامُ بن حسَّانَ، وحمَّادُ بن زيدٍ، وحمَّادُ بن سَلَمَة، وبِشر بن المُفَضَّلِ، وابنُ المبارك غير مرفوعٍ، ويحيى بن سعيدٍ، وابن نُمَيرٍ، وكلُّهم قال: عن سعيدٍ عن أبي هُرَيْرَةَ. ولم يذكروا أباه.
          فَصْلٌ: وهذه أنواع أُخر أيضًا غير ما مرَّ مِن الأحاديث المتقدِّمةِ، وفيها استسلامٌ لله ╡ وإقرارٌ له بالإحياء والإماتة. وفي حديث عائِشَةَ ♦ ردُّ قولِ مَن زَعَمَ أنَّه لا يجوز الرُّقَى واستعمالُ العُوَذِ إلَّا عند حُلول المرضِ ونزول ما يُتعوَّذ بالله منه، أَلَا ترى أنَّه صلعم نفَثَ في يده وقرأ المعوِّذَاتِ ومسَحَ بهما جسدَهُ، واستعاذ بذلك مِن شرِّ ما يحدثُ عليه في ليلته ممَّا يتوقَّعُهُ، وهذا مِن أكبر الرُّقى.
          وفي حديث أبي هُرَيْرَةَ ☺ أدبٌ عظيمٌ علَّمه الشارع أمَّتَه، وذلك أمْرُه بنفضِ فراشِهِ عند النوم خشيةَ أن يأوي إليه بعض الهوامِّ الضَّارَّةِ فتُؤذِيهِ بسُمِّها.
          فَصْلٌ: قوله: (فَلْيَنْفُضْ فِرَاشَهُ بِدَاخِلَةِ إِزَارِهِ) يريد: طرفَ الإِزارِ، ومعناه: استحباب ذلك قبل أن يدخل الفراش لئلَّا يكون فيه حيَّةٌ أو عقربٌ وشبههما مِن المؤذِيَاتِ، ولينفضَ ويدُهُ مستورةٌ بطرف إزاره لئلَّا يحصل في يده مكروهٌ إن كان هناك.
          وقال الدَّاوديُّ: هو طرفُ المئزَرِ لأنَّه يسترُ الثياب فَيَتَوارى بما يناله مِن الوَسَخِ، وإذا نال ذلك بكمِّه صار غير لون الثياب، والله يحبُّ إذا عَمِل العبد عملًا أن يُحسنه.
          وفي «الصِّحاح»: دَاخِلةُ الإِزَار: أحدُ طرفيه الذي يَلِي الجسد. وقيل: داخلُ الإزار: هو الطَّرف المتدلِّي الذي يَضَعُهُ المؤتَزِرُ، أو الذي يُفْضِي إلى جِلْده على حِقْوهِ الأيمن. قاله ابن حبيبٍ وغيره، وقال مالكٌ: دَاخِلةُ الإزار التي تحت الإزار وممَّا يَلِي الجسد.
          فَصْلٌ: وقوله: (نَفَثَ) قال أبو عُبَيدٍ / : النَّفثُ بالفمِ شبيهُ بالنَّفْخِ، وأمَّا التَّفْلُ فلا يكون إلَّا ومعه شيءٌ مِن الرِّيقِ، وكذا قال الجَوْهَرِيُّ: النَّفْث شبيهٌ بالنَّفْخِ وهو أقلُّ مِن التَّفْل.
          فَصْلٌ: والمعوِّذاتُ بكسر الواو، قال الدَّاوديُّ: هنَّ: {قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ} [الإخلاص:1]، والفَلَق، والنَّاس. قال: وسُمِّينَ مُعَوِّذاتٍ لِمَا في الثِّنتين مِن التعويذِ، فجعل القليل تبعًا للكثير، ويحتمل أن يكون عبَّر عن التثنية بالجمع، وذلك جائزٌ سائغٌ.
          فَصْلٌ: قال الشيخ أبو محمَّدٍ: في دُعائه صلعم عند النوم يضعُ يدَهُ اليمنى تحت خدِّه الأيمن، واليسرى على فخذه الأيسر، ثمَّ يقول هذا الدعاء، وزاد بعد قوله: (الصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكَ): ((اللَّهُمَّ إنِّي أَسْلَمْتُ نَفْسِي إِلَيْكَ)) إلى آخره، قال: ثمَّ يقول: ((وَقِني عذابَكَ يوم تَبْعَثُ عبادك)) يردِّدُها.