التوضيح لشرح الجامع البخاري

باب الصلاة على النبي

          ░32▒ بابُ الصَّلَاةِ على النَّبيِّ صلعم.
          6357- ذكر فيه حديث ابن أبي ليلى قال: (لَقِيَنِي كَعْبُ بْنُ عُجْرَةَ ☺، فَقَالَ: أَلاَ أُهْدِي لَكَ هَدِيَّةً؟ إِنَّ النَّبِيَّ صلعم خَرَجَ عَلَيْنَا، فَقُلْنَا: يَا رَسُولَ اللهِ، قَدْ عَلِمْنَا كَيْفَ نُسَلِّمُ عَلَيْكَ، فَكَيْفَ نُصَلِّي عَلَيْكَ؟ فقَالَ: قُولُوا: اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى محمَّدٍ، وَعَلَى آلِ محمَّدٍ، كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ، إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ، اللَّهُمَّ بَارِكْ عَلَى محمَّدٍ، وَعَلَى آلِ محمَّدٍ، كَمَا بَارَكْتَ عَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ، إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ).
          6358- وحديث عبد الله بن خبَّابٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ ☺، (قَالَ: قُلْنَا: يَا رَسُولَ اللهِ هَذَا السَّلام فَكَيْفَ نُصَلِّي عَلَيْكَ؟ قَالَ: قُولُوا: اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى محمَّد عَبْدِكَ وَرَسُولِكَ، كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ، وَبَارِكْ عَلَى محمَّدٍ وَ آلِ محمَّدٍ، كَمَا بَارَكْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وآل إبراهيم).
          الشَّرح: قوله: (اللَّهُمَّ) دعاءٌ أُدخلت الميم في آخره عوضًا عن يا مِن أوَّلِهِ، هذا قول البصريِّين، وقال الكوفيُّون: المعنى: يا الله أُمَّنَا بخيرٍ، والمسألة مبسوطةٌ في العربيَّةِ.
          واختلف العلماء في الصَّلاة على النَّبيِّ صلعم هل هي فرضٌ أم لا؟ فعندنا أنَّها واجبةٌ في الصَّلاة، ووافَقَ الشَّافعيُّ على ذلك جماعةً مِن الصَّحابة، ولم ينفرد كما نُسب إليه، وهو روايةٌ عن أحمدَ أيضًا، وحكاه الرُّوْيَانِيُّ في «البحر» عن عُمَرَ وابنهِ عبدِ اللهِ وابنِ مسعودٍ وأبي مَسْعُودٍ البَدْرِيِّ، ونقله الماوَرْدِيُّ عن محمَّد بن كعبٍ القُرَظيِّ التابعِيِّ.
          ورواه البيهقيُّ عن الشَّعْبِيِّ وغيرُه عن عليِّ بن الحسينِ، وبه قال ابن الموَّاز المالكيُّ فيما حكاه ابن القصَّار.
          ومذهب مالكٍ وأبي حنيفة أنَّها سنَّةٌ فيها، ووافقهما ابن المنذرِ والخطَّابيُّ والطَّبَرِيُّ، وحكاه ابن بطَّالٍ عن جمهور العلماء، قال: والمشهور عن أصحابنا أنَّها واجبةٌ في الجملة على الإنسان أن يأتي بالشَّهادتين / مرَّةً في دهره مع القُدْرة عليها، ثمَّ قال: وشذَّ الشَّافعيُّ فزعم أنَّ ذلك فرضٌ في الصَّلاة، وهذه العبارة قالها غيرُ واحدٍ مِن المالكيَّةِ، ولا أرضاها، فقد علمت أنَّ جماعة الصَّحابة سبقوه إليها، وابن الموَّاز منهم أيضًا وفي حديث كعبِ بن عُجْرَةَ: ((وَذَلِكَ فِي الصَّلَاةِ))، أخرجه عن إبراهيمَ بن محمَّدٍ عن سعيدِ بن إسحاقَ بن كَعبِ بن عُجْرَةَ.
          قال الطَّحاويُّ: وكان مِن حجَّةِ مَن خالفَهُ عليه أنَّ إبراهيم ليس ممَّن يُحتجُّ بحديثه، ولو ثبت حديثه هنا لم يكن فيه دليلٌ أنَّ ذلك فرضٌ لأنَّا قد وجدنا مثل ذلك عن رسول الله صلعم مِن آي القرآن، ومِن الأمر فيه أن يجعل ذلك في الصَّلاة فلم يكن مراده بذلك الفرض، وهو حديث عُقْبةَ بن عامرٍ ☺ عن رسول الله صلعم أنَّه لَمَّا نَزلَ {فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ} [الواقعة:74] قال: ((اجعلوها في ركوعكم)) ولَمَّا نزلت {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى} [الأعلى:1] قال: ((اجعلوها في سُجُودكم)) وكان مَن ترك التسبيح في الركوع والسُّجُود غير مفسدٍ صلاتَهُ، وكذلك رُوي عن رسول الله صلعم أنَّه علَّمهم التشهُّدَ في الصَّلاة، وليس منه الصَّلاة على رسول الله صلعم وقد سلف ذلك في الصَّلاة [خ¦831]، لكن فيه حديث ابنِ مسعودٍ، وفَضَالةَ بن عُبَيدٍ نصٌّ في ذلك.