التوضيح لشرح الجامع البخاري

باب الدعاء غير مستقبل القبلة

          ░24▒ بابُ الدُّعَاءِ غَيْرَ مُسْتَقْبِلِ القِبْلَةِ.
          ذكر فيه حديث أنسٍ ☺ السالف في الجُمُعة وهو مطابقٌ لِمَا ترجم له، ثمَّ ترجم.
          ░25▒ بابُ الدُّعَاءِ مُسْتَقْبِلَ القِبْلَةِ.
          6343- وساق حديث عبدِ اللهِ بن زيدٍ: (خَرَجَ رسول الله صلعم إِلَى هَذَا المُصَلَّى يَسْتَسْقِي، فَدَعَا وَاسْتَسْقَى، ثُمَّ اسْتَقْبَلَ القِبْلَةَ وَقَلَبَ رِدَاءَهُ).
          واعترض الإسماعيليُّ فقال: هذا الحديث في الباب قبلَه أدخلُ بِما هنا، ولعلَّ أبا عبد الله أراد أنَّه كما استقبل القبلةَ وقَلَب رداءَه دعا حينئذٍ وليس كذلك، قلت: بلى، وقد روى البخاريُّ في باب الاستسقاء في التحويل والجهر، وقال فيهما: ((فاستقبلَ القبلةَ يدعو ثمَّ حوَّلَ رداءَه ثمَّ صلَّى ركعتين جهَرَ فيهما)).
          قلت: والدُّعاء حسنٌ كيفما تيسَّر وبكلِّ حالٍ أَلَا ترى قوله تعالى: {يَذْكُرُونَ اللهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ} [آل عمران:191]. فمدحَهم اللهُ ولم يشترط في ذلك حالةً دون حالةٍ، ولذلك دعا صلعم في الحديث الأوَّل في خطبته يوم الجُمُعة وهو غيرُ مستقبِلِ القِبلة، وفي الاستسقاء استقبلَها.
          فَصْلٌ: في ألفاظٍ وقعت في الحديث في الباب الأوَّل لا بأس أن ننبِّه عليها:
          قوله: (فَتَغَيَّمَتِ السَّمَاءُ) الغيم: السَّحاب، يُقال: غامتِ السَّماءُ وأَغَامَت وأَغْيَمَت وتَغَيَّمَت بمعنًى.
          وقوله: (يَسْقِها) تُقرأ بضمِّ الياء ويجوز فتحُها، سَقَى وأَسْقَى بمعنًى، وقيل بالفرق كما سلف في موضعه [خ¦1005].
          وقوله: (وَمُطِرْنَا) أي: رُحمنا، قال الهَرَويُّ: وكذا أُمطرنا هذا قول أهل اللُّغة، وفي التفسير: أُمْطِرَ في العذاب ومُطِرنا في الرَّحمة، وفي «الصِّحاح»: وقد مُطِرنا وناسٌ يقولون: مَطَرَتِ السَّماء وأَمْطَرَتْ بمعنى، وكذا في «كتاب ابن فارسٍ»: مُطِرنا.
          و(غَرِقنا) بكسر الراء، وقُرئ: {ليَغْرَقَ أَهْلُها} [الكهف:71]بفتح الياء والراء.
          فَصْلٌ: وفيه: حُجَّةٌ على أبي حنيفَةَ في التحويل وعند الشَّافعيِّ: يَنْكُسُهُ أيضًا خلافًا لمالكٍ، وقال ابن الجلَّابِ: هو بالخيار، وعُلِّل بالتفاؤل بالانتقال مِن حالٍ إلى حالٍ، وأنكره بعضهم وألزم بتحويل الخاتم وغيره ممَّا يُسرع تحويلُه.
          فَرْعٌ: إذا تحوَّل الإمام تحوَّل النَّاس وفاقًا لمالكٍ، وقال ابن عبد الحكم: يحوِّل الإمام وحدَه، وكلُّ هذا سلف مبسوطًا وأعدناه لبُعْدِهِ.