التوضيح لشرح الجامع البخاري

باب الدعاء بعد الصلاة

          ░18▒ بابُ الدُّعَاءِ بعْدَ الصَّلاةِ.
          6329- حدَّثنا إسحاقُ، أخبرنا يزيدُ، أخبرنا وَرْقَاءُ، عن سُمَيٍّ، عن أبي صالحٍ، عن أبي هُرَيْرَةَ ☺: (قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ ذَهَبَ أَهْلُ الدُّثُورِ بِالدَّرَجَاتِ..) الحديثَ السالفُ في الصَّلاة [خ¦843].
          ثمَّ قال: تابعهُ عُبَيد اللهِ بنُ عُمَرَ عن سُمَيِّ.
          قلت: أخرجها مسلمٌ عن عاصمِ بن النَّضْرِ، حدَّثنا مُعْتَمِرُ بن سُلَيْمَان، عن عُبَيدِ اللهِ عن سُمَيٍّ.
          قال: ورواه ابن عَجْلَانَ، عن سُمَيٍّ ورَجَاءِ بن حَيَوةَ.
          قلت: متابعة ابن عَجْلَانَ أخرجها مسلمٌ أيضًا عن قُتَيبةَ، حدَّثنا ليثٌ، عن ابن عَجْلَانَ، عن سُمَيٍّ به، قال: ورواه جريرٌ عن عبد العزيز بن رُفَيعٍ عن أبي صالحٍ عن أبي الدَّرداء.
          قلت: أخرجها النَّسائيُّ عن إسحاقَ بن إبراهيمَ عن جريرٍ به.
          قال الدَّارَقُطنيُّ: وتابعه أبو الأَحْوَصِ سَلَّامُ بن سُلَيمٍ، قال البخاريُّ: ورواه سهيلٌ عن أبيه عن أبي هُرَيْرَةَ ☺ عن النَّبيِّ صلعم.
          قلت: أخرجها مسلمٌ أيضًا عن أميَّةَ بن بِسْطَامٍ، حدَّثنا يزيدُ بن زُرَيعٍ، حدَّثنا رَوْحُ بن القاسمِ، عن سهيلٍ، قال ابن عساكِرَ: رواه التَّيْمِيُّ، عن أبي صالحٍ عن أبي هُرَيْرَةَ، ورواه الثَّوريُّ عن عبد العزيزِ عن أبي صالحٍ عن أبي عُمَرَ الضَّبِّي، عن أبي الدَّرداء، ورواه شريكٌ عن عبد العزيز عن أبي عُمَرَ عن أمِّ الدَّرداء عن أبي الدَّرداء.
          وفي «علل الدَّارَقُطنيِّ»: لم يُتَابع شريكٌ على ذكر أمِّ الدَّرداء.
          قال: ورواه الحكم بن عُتَيبةَ عن أبي صالحٍ، عن أبي الدَّرداء ((قلت: يا رسول الله، ذهب أهل الدُّثُور..)) الحديث، فقال شُعْبَة ومالكُ بن مِغْوَلٍ، عن الحكم عن أبي عليٍّ الضَّبِّيِّ عن أبي الدَّرداء، وقال زيد بن أبي أُنَيْسَةَ: عن الحكم عن أبي عُمَرَ عن رجلٍ عن أبي الدَّرداء، ورواه ليثُ بن أبي سُلَيمٍ عن الحكم فقال: عن عبد الرَّحمن بن أبي ليلى عن أبي الدَّرداء، وقال الحِمَّانيُّ: عن المحارِبيِّ عن ليثٍ عن مجاهدٍ عن ابن أبي ليلى عن أبي الدَّرداء، وليس هذا مِن حديث ابن أبي ليلى ولا مِن حديث مجاهدٍ، والصَّحيح من ذلك قول شُعْبَةَ ومالكِ بن مِغْوَلٍ عن الحكم، وقال الثَّوريُّ عن عبد العزيز: وأبو عُمَرَ الضَّبِّيُّ لا يُعرف، ولا رُوي عنه غيرُ هذا الحديث.
          إذا تقرَّر ذلك: ففي حديث الباب الحضُّ على التسبيح والتحميد في أدبار الصلوات، وأنَّ ذلك يوازي في الفضل إنفاقَ المال في طاعة الله لقوله: (أَفَلَا أُخْبِرُكُمْ بَمَا تُدْرِكُوْنَ بِهِ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ؟).
          ورُوي عن رسول الله أنَّه قال: ((وُضعتْ الصَّلوات في خير السَّاعاتِ فاجتهدوا في الدُّعاء دُبُر الصَّلوات))، وروى الطَّبَرِيُّ عن قَتَادَةَ عن أنس بن مالكٍ ☺ قال: ((إذا أُقيمت الصَّلاة فُتحت أبوابُ السماء واستُجيب الدُّعاء)).
          وعن جعفر بن محمَّدٍ قال: الدُّعاء بعد المكتوبة أفضل مِن الدُّعاء بعد النَّافلة لفضل المكتوبة على النَّافلة، فإن قلت: فقد روى عبد الرَّحمن بن الأسود عن أبيه قال: قال عبد الله بن مسعودٍ: إنَّما هذه القلوب أوعيةٌ فاشغلُوها بالقرآن ولا تشغلوها بغيره.
          فأيُّما أفضلُ أذكرُ أو أقرأُ؟ قلت: سأل عَمْرُو بن أبي سَلَمَةَ الأوزاعيَّ عن ذلك فقال له: سَل سعيدًا، فسألَهُ، فقال: بل القرآنُ، فقال الأوزاعيُّ لسعيدٍ: ليس شيءٌ يَعْدِلُ القرآنَ، ولكن إنَّما كان هَدْيُ من سلف يذكرون الله قبل طُلُوع الشَّمس وقبل الغروب.
          وما قاله الأوزاعيُّ أقربُ إلى الصَّواب كما نبَّه عليه الطَّبَرِيُّ لِمَا روى أنسٌ وأبو هُرَيرةَ ☻ عن رسول الله صلعم أنَّه قال: ((لأنْ أَقْعُدَ مع قومٍ يذكرون الله تعالى بعد طُلُوع الفجر إلى طُلُوع الشَّمس أحبُّ إليَّ مِن الدنيا وما فيها، ولأنْ أَقْعُدَ مع قومٍ يذكرون الله تعالى بعد العَصْر إلى أن تغيبَ الشَّمس أحبُّ إليَّ مِن الدُّنيا وما فيها)).
          وقال عبد الله بن عَمْرٍو: ذِكْرُ الله بالغَدَاةِ والعَشِيِّ أفضلُ مِن حَطْمِ السُّيوف في سبيل الله وإعطاءِ المال سحًّا، وقد سلف حديث أبي هُرَيْرَةَ ☺ في ذلك فيها في باب: ما يقول إذا أصبحَ.
          فَصْلٌ: ترجم لحديث المُغِيرةِ في القَدَر باب: لا مانع لِمَا أعطى الله، ويأتي الكلام عليه.
          فَصْلٌ: احتجَّ بحديث أبي هُرَيْرَةَ ☺ مَن فضَّل الغنى على الفقر، ويأتي في الرِّقَاقِ.
          وقوله: (تُدْرِكُونَ بِهِ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ) قيلَ: يعني مَن كان مِن أهل الصَّدَقات، وكذا في قوله: (مَنْ جَاءَ بَعْدَكُمْ).
          وفيه: فَضْلُ الذِّكْر على الصَّدقة.
          وقوله: (إِلَّا مَنْ جَاءَ بِمِثْلِهِ) أي: وهو في مثل حالِكم مِن القلَّة، وقيل: مِن أهل الغنى، فيكون له فضلُ غِنَاه ويساويكم في الذِّكْر، وقال بعض مَن / فضَّل الغنى: إنَّما خُصَّ بثواب ذلك الفقراءُ لأنَّهم الذين خاطبهم الشَّارع فأخبرهم أنَّهم إن قالوا ذلك أدركوا مَن سبقهم، وليس كما تأوَّل لأنَّه قال: (إِلَّا مَنْ عَمِلَ مِثْلَهُ)، لكنَّه يَفْضُلُ عنه بأن يكون مثل حالهم فقراءَ على ما سلف، وهذا فيه تخصيصٌ للعموم ويفتقر إلى دليلٍ.
          فَصْلٌ: قد سلف ما في الجَدِّ، وأنَّ فتح جيمه أشهرُ في المعنى، وقال الدَّاوديُّ: إنَّه هنا الشَّرف.