التوضيح لشرح الجامع البخاري

باب الدعاء عند الخلاء

          ░15▒ بابُ الدُّعَاءِ عِنْدَ الخَلَاءِ.
          6322- هو ممدودٌ وأصلْهُ المكانُ الخالي، مأخوذٌ مِن الخَلْوة.
          ذكر فيه حديث شُعْبَة، عن عبدِ العزيزِ بن صُهَيبٍ، عن أنس بن مالكٍ ☺ قال: (كَانَ النَّبِيُّ صلعم إِذَا دَخَلَ الخَلاَءَ قَالَ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الخُبُثِ وَالخَبَائِثِ).
          هذا الحديث سلف في الطهارة واضحًا [خ¦142].
          والخُبُثِ وَالخَبَائِثِ: الشَّيطان الرَّجيم، قاله الحسنُ ومجاهدٌ، وفيه أقوالٌ أُخر سلفت هناك.
          وعبارة الدَّاوديِّ: يحتمل أن يكون الخُبُثُ: الشَّيطانَ أو المعصيةَ، والخبائِثُ: المعاصي كلُّها، وقد جاء في معنى أمره صلعم بالاستعاذة عند دخول الخلاء في حديث مَعْمَرٍ عن قَتَادَةَ، عن النَّضْر بن أنسٍ أنَّه صلعم قال: ((إن هذه الحُشُوشَ مُحْتَضَرةٌ فإذا دخَلَها أحدُكُم فليقل: اللَّهُمَّ إنِّي أعوذُ بك مِن الخُبْثِ والخَبَائثِ)) فأخبر أنَّ الحُشُوشَ مواطنُ الشياطين، فلذلك أمرنا بالاستعاذة عند دخولها.
          وروى ابن وَهْبٍ عن حَيْوَةِ بن شُرَيحٍ، عن أبي عَقِيلٍ أنَّه سمع سعيدًا المَقْبُرِيَّ يقول: إذا دخل الرَّجُل الكَنِيفَ لحاجتِهِ ثمَّ ذكر اسم الله كان سترًا بينه وبين الجنِّ، فإذا لم يذكر الله نظرَ إليه الجنُّ يسخرون ويستهزؤون به.
          قلت: / فيستحبُّ الابتداء بهذا عند إرادة الدخول كما جاء في روايةٍ سلفت [خ¦142]: ((إذا أراد)).
          قال ابن التِّين: ويقول ذلك في نفسِهِ غير جاهرٍ به، قلت: لا يُسلَّم له، وينبغي الجهرُ به.
          فائدةٌ: قال ابن التِّين: الذي قرأناه: <الخُبْث> بإسكان الباء، والأظهر أنَّه بضمِّها جمع: خَبِيثٍ، وليس هذا موضع الكُفْر كما قيل، وإنَّما هو موضعُ الشياطين، وهذا سلف واضحًا [خ¦142].
          فَرْعٌ: نقل ابن التِّين عن الشيخ أبي محمَّدٍ أنَّه ممَّا يُستحبُّ عند الخلاء أن يقول: الحمدُ لله الذي رزقني لذَّتَهُ، وأخرج عنِّي مشقَّتَهُ، وأبقى في جسمي قوَّته، قلت: وهذا إنَّما هو عند الخروج لا جَرَمَ.
          قال ابن بطَّالٍ: رُوي عن رسول الله صلعم أنَّه قال: ((إذا خرجَ أحدُكُم مِن الغائِطِ فليقل: الحمد لله الذي أخرج عنِّي ما يُؤذِيني وأمسَكَ عليَّ ما ينفعني)).