التوضيح لشرح الجامع البخاري

بابُ التعوذ من عذاب القبر

          ░37▒ بابُ التَّعَوُّذِ مِن عَذَابِ القَبْرِ.
          ذكر فيه أحاديث:
          6364- أحدها: حديث مُوسَى بن عُقْبَةَ قال: (سَمِعْتُ أُمَّ خَالِدٍ بِنْتَ خَالِدٍ وَلَمْ أَسْمَعْ أَحَدًا سَمِعَ مِنَ النَّبِيِّ صلعم غَيْرَهَا، قَالَتْ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صلعم يَتَعَوَّذُ مِنْ عَذَابِ القَبْرِ).
          6365- ثانيها: حديث مُصَعبٍ قال: (كَانَ سَعْدٌ يَأْمُرُ بِخَمْسٍ، وَيَذْكُرُهُنَّ عَنِ النَّبِيِّ صلعم أَنَّهُ كَانَ يَأْمُرُ بِهِنَّ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ البُخْلِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنَ الجُبْنِ، وَأَعُوذُ بِكَ أَنْ أُرَدَّ إِلَى أَرْذَلِ العُمُرِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ فِتْنَةِ الدُّنْيَا _يَعْنِي فِتْنَةَ الدَّجَّالِ_ وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ عَذَابِ القَبْرِ).
          6366- الثالث: قال البخاريُ: حدَّثنا عثمانُ بن أبي شيبَةَ، حدثنا جريرٌ عن مَنْصُورٍ، عن أبي وائلٍ عن مسروقٍ، عن عائِشَةَ ♦ قالت: (دَخَلَ عَلَيَّ عَجُوزَانِ مِنْ عُجُزِ يَهُودِ المَدِينَةِ، فقَالَتَا لِي: إِنَّ أَهْلَ القُبُورِ يُعَذَّبُونَ فِي قُبُورِهِمْ، فَكَذَّبْتُهُمَا، وَلَمْ أُنْعِمْ أَنْ أُصَدِّقَهُمَا، فَخَرَجَتَا، وَدَخَلَ عَلَيَّ النَّبِيُّ صلعم، فَقُلْتُ لَهُ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّ عَجُوزَيْنِ وَذَكَرْتُ لَهُ، فَقَالَ: صَدَقَتَا، إِنَّهُمْ يُعَذَّبُونَ في قبورهم عَذَابًا تَسْمَعُهُ البَهَائِمُ كُلُّهَا، فَمَا رَأَيْتُهُ بَعْدُ فِي صَلاَةٍ إِلَّا تَعَوَّذَ مِنْ عَذَابِ القَبْرِ).
          الشَّرح: أمُّ خالدٍ بنت خالدِ بن سعيدِ بن العاصِي بن أُمَيَّةَ، تأخَّرت وفاتها، مِن أفراد البخاريِ، وفي الصَّحابة أيضًا أمُّ خالدٍ بنت يَعِيشَ بن قَيْس النَّجَّاريَّةِ، زوجةُ حارثَةَ بن النُّعمان، وقال ابن سعدٍ: تابعيَّة، وليس في الصَّحابة أمَّ خالدٍ بنت خالدٍ غيرَها.
          وقال الجيَّانيُّ في حديث عائِشَةَ: كذا إسناد هذا الحديث، وفي نسخة أبي ذرٍّ عن أبي إسحاقَ المستمْلِي <جريرٌ، عن مَنْصُورٍ، عن أبي وائلٍ ومسروقٍ عن عائِشَةَ> عطفَ مسروقًا على أبي وائلٍ وهو وَهَمٌ، وإنَّما يرويه أبو وائلٍ عن مسروقٍ، ولا أحفظ لأبي وائلٍ روايةً عن عائِشَةَ.
          قلت: صرَّح عبد الغنيُّ وغيرُهُ بسماع أبي وائلٍ مِن عائِشَةَ.
          فائدة: (أرذل العُمُر) الهَرَمُ الذي يُنقص القوَّةَ والعقل، والعجوز: المرأة الكبيرة، قال ابن السِّكِّيت: ولا تقل عجوزةٌ، والجمع عَجَائِزُ، وعُجُزٌ.
          وقولها: (وَلَمْ أُنْعِمْ) أي: أُصدِّقهُمَا، هو بضمِّ الهمزة لأنَّه رباعيٌّ، يُقال: أَنْعَمَ لَهُ: قال له نَعَم.
          وقولها: (فَمَا رَأَيْتُهُ بَعْدُ) إلى آخره، يدلُّ على شِدَّةِ الاعتناء بذلك.