الفيض الجاري بشرح صحيح الإمام البخاري

حديث: أن النبي كان يسدل شعره

          3944- وبالسند قال: (حَدَّثَنَا عَبْدَانُ): بفتحِ العين، لقب عبدِ الله بن عثمانَ بن جَبَلة المروزيِّ، قال: (حَدَّثَنَا): ولأبي ذرٍّ: <أخبرنا> (عَبْدُ اللَّهِ): أي: ابن المباركِ المروزيُّ (عَنْ يُونُسَ): أي: ابن يزيدَ الأيليِّ (عَنِ الزُّهْرِيِّ): أي: محمَّد بن شهابٍ، قال: (أَخْبَرَنِي): بالإفرادِ (عُبَيْدُ اللَّهِ): بتصغير عبدٍ (بْنُ عَبْدِ اللَّهِ): بتكبير: ((عبد)) (بْنِ عُتْبَةَ): بضمِّ العينِ وسكونِ الفوقيَّة؛ أي: ابن مسعودٍ، فعُتبةُ أخو عبد الله بن مسعودٍ.
          (عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ ☻): سقطَ لفظ: <عبد الله> لأبي ذرٍّ (أَنَّ النَّبِيَّ صلعم كان يَسْدِلُ): بفتحِ التحتيَّة وسكونِ السِّين المهملة وكسرِ الدَّال المهملة، وقال الكرمانيُّ: بضمِّها، مِن سدَلَ الثَّوب إذا أرخَاهُ، وقيل: بكسرِهَا، انتهى؛ أي: يُرخِي (شَعْرَهُ): أي: يترُكَ شعرَ ناصيَتِه مسدولاً غير مفرُوقٍ.
          (وَكَانَ الْمُشْرِكُونَ يَفْرُقُونَ): بفتحِ التَّحتيَّة وضمِّ الرَّاء وقد تكسرُ؛ أي: يتركُونَ (رُؤوسَهُمْ): أي: شعورها إلى جانبَي الجبهَةِ، ولا يتركُونَ شيئاً منه على جباهِهِم (وَكَانَ أَهْلُ الكِتَابِ): أي: من اليهودِ والنَّصارَى (يَسْدِلُونَ رُؤُوسَهُمْ): أي: شعورها.
          (وَكَانَ النَّبِيُّ صلعم يُحِبُّ مُوَافَقَةَ أَهْلِ الْكِتَابِ فِيمَا لَمْ يُؤْمَرْ فِيهِ بِشَيْءٍ): لأنَّ ذلكَ أقربُ إلى الحقِّ من فِعلِ المشركين عبَدَةِ الأوثانِ، وقيل: كان يحبُّ موافقتَهُم استئلافاً لهم في أوَّل الإسلامِ، فلمَّا أغنى الله عن استئلافِهِم أمرَهُ بمخالفتِهِم، ولذا قال: (ثُمَّ فَرَقَ): بفتحِ الفاءِ والرَّاء خفيفة، وفي بعضِ الأصُولِ بالتَّشديدِ (النَّبِيُّ صلعم رَأْسَهُ): أي: شعرَهُ؛ أي: ألقاهُ إلى جانبَي رأسه، ولم يترُكْ منه شيئاً على جبهتِهِ، ولعلَّه أمرَ بذلكَ، فتدبَّر.
          وسبقَ الحديثُ مع الكلامِ عليه مبسوطاً في صفتِهِ صلعم، وقيل: لا وجهَ لذِكْره هنا إلَّا على سبيلِ الاستطرادِ لما وقعَ في الحديثِ قبلَه، فتأمَّله.