الفيض الجاري بشرح صحيح الإمام البخاري

باب مناقب زيد بن ثابت

          ░17▒ (بَابُ مَنَاقِبِ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ ☺): سقط لفظ: <باب> وحده لأبي ذرٍّ، وكنية زيدٍ أبو سعيدٍ، وقيل: أبو عبد الرَّحمن، وقيل: أبو خارجةَ بن ثابت _بمثلثةٍ أوَّله وآخره مثنَّاة فوقيَّة_ ابن الضحَّاك بن زيد بن لَوذان _بفتح اللَّام وسكون الواو فذال معجمة فألف فنون_ ابن عَمرٍو، مِن بني النجَّار، النَّجاري المدني الفرضي، وأمُّه: النزار بنت مالكِ بن النجَّار، وكان عُمر زيدٍ حين هاجر النبيُّ صلعم إلى المدينة إحدى عشرةَ سنةً، وكان زيدٌ أحدَ كُتَّاب الوحي وفضلاء الصَّحابة وأصحاب الفتوى، مات بالمدينة سنةَ خمسٍ وأربعين على الصَّحيح، وعمره ستٌّ وخمسون سنةً، وصلَّى عليه مروان بن الحَكَم، واستصغره النبيُّ صلعم يوم بدرٍ فردَّه، وشهد أُحداً، وقيل: لم يشهدْها وشهد الخندق وما بعدها من المشاهد مع رسول الله، وأعطاه النبيُّ عليه السلام يوم تبوكٍ راية بني النجَّار.
          قال في ((التَّهذيب)): وكان يكتب الوحيَ لرسول الله صلعم ويكتبُ له أيضاً المراسلات، وكان يكتبُ لأبي بكرٍ وعُمرَ في خلافتِهما، وكان أحد الثَّلاثة الَّذين جمعوا المصحفَ أمره بذلك أبو بكر وعُمر ☻؛ أي: لمَّا كثُرَ القتل في القرَّاء، وكان عُمر يستخلفه إذا حجَّ، وكان معه حين قدِمَ الشَّام، وهو الذي تولَّى قَسْم غنائم اليرموك، وكان عثمانُ يستخلفه أيضاً إذا حجَّ، وكان أعلمَ الصَّحابة بالفرائض لحديثٍ رواه / التِّرمذيُّ والنَّسائي وابن ماجه بإسنادٍ جيٍّدٍ عن النبيِّ عليه السلام: ((أفرضكم زيدٌ))، وروى التِّرمذيُّ بإسنادٍ صحيحٍ عن أنسٍ عن النَّبيِّ بلفظ: ((أعلمُ أُمَّتي بالفرائضِ زيدُ بن ثابتٍ)) وخطب عُمرُ ☺ بالجابيةِ فقالَ: مَن يسأل عن الفرائضِ فليأتِ زيدَ بنَ ثابتٍ.
          فائدةٌ: قال الشنشوريُّ: قد اجتمعَ في اسم زيدٍ ☺ مناسباتٌ تتعلَّق بالفرائض لم تجتمع في اسم غيره إفراداً وجمعاً وعدداً وطرحاً وضرباً، فأمَّا الإفراد فالزَّاي بسبعةٍ، وهي عدد أصول المسائل وعدد مَن يرثُ بالفرضِ وحدَه وعدد الوارثات مِن النِّساء بالاختصَار، والياء بعشرةٍ؛ وهي عدد الوارثين بالاختصَار وعدد الوارثات من النِّساء بالبسط، والدَّال بأربعةٍ، وهي عدد أسباب الإرثِ وعدد الأصول الَّتي لا تعولُ، وأمَّا الجمع فالزَّاي مع الياء سبعة عشر، وهي عدد الوارثين والوارثات بالاختصار، والزَّاي مع الدَّال أحد عشر، هي عدد الوارثات على طريق البسط بزيادة مولاة المولاة، والياء مع الدَّال أربعة عشر؛ وهي عدد الوارثين بالبسطِ خلا المولى المعتق؛ لأنَّه قد يكون أنثى، والزَّاي مع الياء والدَّال أحد وعشرون، وهي عدد جميع مَن يرث بالفرض من حيثُ اختلافُ أحوالهم؛ لأنَّ أصحاب النِّصف خمسةٌ والرُّبع اثنان والثُّمن واحدٌ والثُّلثين أربعةٌ والثُّلث اثنان والثُّلث سبعةٌ، وقد ضبط ذلك في ضمن بيتٍ فقال:
ضَبْطُ ذَوِي الْفُرُوضِ مِنْ هَذَا الرَّجَزْ                     خُذْهُ مُرَتَّبًا وَقُلْ هَبَا دَبَزْ
          وأمَّا العدد فعدة حروف اسمِه ثلاثةٌ، وهي عدد شروط الإرث وعدد الأصول الَّتي تعول، وأمَّا الطَّرح فإذا طرحت الدَّال من الياء بقي ستَّةٌ، وهي عدد الفروض القرآنيَّة وعدم الموانع، وإذا طرحت الدَّال من الزَّاي بقي ثلاثةٌ، وهي عدد الحروف وتقدَّم ما فيها، وإذا طرحت الزَّاي من الياء بقي ثلاثةٌ أيضاً وتقدَّم ما فيها، وأمَّا الضَّرب فإذا ضربت حروفه وهي ثلاثةٌ في نفسها تبلغ تسعةً؛ وهي عدد أصول المسائل على الأرجحِ، وهذه مناسباتٌ لطيفةٌ.