الفيض الجاري بشرح صحيح الإمام البخاري

باب أيام الجاهلية

          ░26▒ (بَابُ أَيَّامِ الجَاهِلِيَّةِ): / سقط لفظ <باب> لأبي ذرٍّ، و((أيَّام الجاهلية)) على ما قال الكرمانيُّ: هي مدَّة الفترة التي كانت بين عيسى ورسول الله صلعم، وسمِّيت بها لكثرة جهالاتهم فيها. انتهى، وصوَّبَه العينيُّ، ونظر في قول ((الفتح)): المراد بها: ما كانَ بين المولد النبويِّ والمبعث، انتهى، ولم يبيِّنْ وجه النَّظر، لكن قال صاحبُ ((الفتح)) في ((الانتقاض)) معترضاً على العينيِّ في تصوبيه لكلام الكرمانيِّ: بل هو عين الخطأ؛ لأنه يلزم عليه أنَّ الزمان الذي أوَّله رفْعُ عيسى عليه السلام كان يسمَّى زمان جاهليَّةٍ، وليس كذلك. انتهى، فتأمَّله.
          ثم قال في ((الفتح)): ويُطلق غالباً على ما قبل البعثة، ومنه: {يَظُنُّونَ بِاللَّهِ غَيْرَ الْحَقِّ ظَنَّ الْجَاهِلِيَّةِ} [آل عمران:154] {وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى} [الأحزاب:33]، ومنه أكثر أحاديث الباب، قال: وأمَّا جزم النوويِّ في مواضعَ من ((شرح مسلمٍ)) بأن هذا هو المراد حيث وقع ففيه نظرٌ، واستدلَّ للنَّظر بأشياء؛ منها: قول ابن عبَّاس: سمعت أبي يقول في الجاهليَّة: اسقِنا كأساً دهاقاً، وابن عبَّاس إنما وُلد بعد البعثة، فالمراد بالجاهليَّة هنا ما قبل إسلامه.