الفيض الجاري بشرح صحيح الإمام البخاري

حديث: قال هم أهل الكتاب جزءوه أجزاءً فآمنوا ببعضه وكفروا ببعضه

          3945- وبالسند قال: (حَدَّثَنَا): بالجمعِ لأبي ذرٍّ (زِيَادُ): بكسرِ الزَّاي وتخفيف التحتيَّة (ابْنُ أَيُّوبَ): مرَّ قريباً، قال: (حَدَّثَنَا): بالجمعِ لغيرِ أبي ذرٍّ (هُشَيمٌ): بشينٍ معجمةٍ مصغَّراً؛ أي: ابن بشير / ، قال: (أَخْبَرَنَا أَبُو بِشْرٍ): هو: جعفرُ بن أبي وحشيَّة (عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ☻ قَالَ: هُمْ أَهْلُ الْكِتَابِ): قال العينيُّ: لمَّا ذكر أهل الكتابِ في حديثِ ابن عبَّاسٍ قبلَهُ، قال: هم أهلُ الكتابِ، انتهى فتدبَّر.
          (جَزَّؤوهُ): وهو بفتحِ الجيم وتشديدِ الزَّاي فهمزةٌ مضمومةٌ فواوٌ هي فاعلُهُ، ضميرٌ راجعٌ لـ((أهل الكتاب))، ومفعولُهُ راجعٌ للقرآنِ (أَجْزَاءً): بالمدِّ، جمع: جُزء بضمِّ الجيم، مفعول: ((جزَّؤوه))، يعني: افترَقُوا في شأنِ القرآن فرقتَينِ، ولذا قالَ: (فَآمَنُوا بِبَعْضِهِ وَكَفَرُوا بِبَعْضِهِ).
          وقوله: (يَعْنِي: قَوْلَه تَعَالَى: {الَّذِينَ جَعَلُوا الْقُرْآنَ عِضِينَ} [الحجر:91]): ثبتَ للكُشميهنيِّ دونَ غيره: <{عِضِينَ}> جمع: عِضَةٍ، وأصلها: عِضْوةٌ، فِعْلَة من عضى الشَّاة: جعلَها أعضاءً؛ أي: فرقاً، تقولُ: عضيتُ الشَّيء فرَّقتهُ؛ يعنِي: أنَّ أهل الكتابِ قالوا بعنادِهِم: بعضُ القرآن حقٌّ موافقٌ للتَّوارةِ والإنجيلِ، وبعضُهُ باطلٌ مخالِفٌ لهما، فقسَمُوه في زعمِهِم إلى حقٍّ وباطلٍ.