الفيض الجاري بشرح صحيح الإمام البخاري

باب مناقب معاذ بن جبل

          ░14▒ (بَابٌ: مَنَاقِبُ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ ☺): سقط: <باب> لأبي ذرٍّ، و((معاذ)) بضمِّ الميم وبالعين المهملة فألف فذال معجمة، و((جبل)) بفتح الجيم والموحَّدة، منقولٌ عن الجبل، قال النَّوويُّ: هو أبو عبد الرَّحمن معاذ بن جبل بن عمرو بن أوس بن عائذ _بالذَّال المعجمة_ ابن عديِّ بن كعب بن عمرو بن أدي بن سعد بن عليِّ بنِ أسد بن سارذةَ بن تزيد _بالمثنَّاة الفوقيَّة_ ابن جشم بن الخزرج الأنصَاري الخزرجي الجشمي المدني، الفقيه الفاضل الصَّالح، أسلم وهو ابن ثمان عشرةَ سنةً، وآخى رسول الله صلعم بينه وبين ابن مسعودٍ، وتوفِّي في طاعون عمواس بالشَّام، سنة ثمان عشرةَ على الصَّحيح، وقبره في مشاريق غور بيسان، وعمره ثلاثٌ وثلاثون سنةً، وقيل: أربعٌ وثلاثون، وقيل: ثمانيةٌ وثلاثون، وشهد بدراً والمشاهد كلَّها مع رسول الله صلعم، وهو مِن الذين جمعوا القرآن على عهد رسولِ الله.
          قال ابنُ مسعودٍ: كنَّا نشبِّهُه بإبراهيم عليه السَّلام، كان أمَّةً قانتاً لله حنيفاً، وروى أبو داودَ والنسائيُّ عن معاذٍ أنَّ رسول الله صلعم أخذ بيده، وقال: ((يا معاذ؛ والله إنِّي لأحُّبك)) فقال: ((أوصيكَ يا معاذ لا تدعنَّ في دُبُر كلِّ صلاةٍ تقول: اللَّهمَّ أعنِّي على ذكركَ وشُكرك وحُسْن عبادتك))، ولمَّا حضرته الوفاة قال: مرحباً بالموت، مرحباً زائر حبيبٍ جاء على فاقةٍ، اللَّهمَّ تعلم أنِّي كنت أخافك، وأنا اليوم أرجوك، أنِّي لم أكن أحبُّ الدُّنيا وطول البقاء فيها لكري الأنهار ولا لغرس الأشجَار، ولكن لظمأ الهواجر ومكائد السَّاعات ومزاحمة العلماء بالركب عند حِلَق الذِّكر، قال العينيُّ: قيل: لم يُولد له قطُّ، وقيل: ولد له عبد الرَّحمن، وقاتل معه يوم اليرموك، وبه كان يكنى.