الفيض الجاري بشرح صحيح الإمام البخاري

باب قول النبي: لولا الهجرة لكنت من الأنصار

          ░2▒ (باب قَوْلِ النَّبِيِّ صلعم: لَوْلاَ الْهِجْرَةُ لَكُنْتُ امْرِأً مِنَ الأَنْصَارِ) قال في ((الفتح)): هو طرفٌ من حديث سيأتي شرحهُ في غزوة حنين: ((لولا الهِجرةُ)) بكسر الهاء مبتدأ خبره محذوف وجوباً بالقيامِ مقام جواب ((لولا)) الامتناعية مقامه في قوله: ((لكنت من الأنصار)) ولأبي ذرٍّ: <لكنت امرأ من الأنصار> أي: لولا أن الهجرةَ عبادةٌ مأمورٌ بها، لانتسبتُ إلى داركم أو تسمَّيت باسمكم، وأنتسبُ إليكم كما كانوا يتناسبُون بالحلفِ والمؤاخاة، ومرادهُ عليه السلام بذلك كما قال الخطَّابي وغيره: استطابةَ قلوب الأنصارِ وتألُّفهم بالثناءِ عليهم في دينهم، حتى رضيَ أن يكون واحداً منهم لولا ما يمنعهُ من فضل الهجرةِ فإنها أعلى وأشرفُ.
          وقال مُحيي السُّنَّة البغوي: ليسَ المراد منه الانتقالُ عن النسب الولادي؛ لأنه حرامٌ، وإنما أرادَ البلاديَّ؛ أي: لولا الهجرةُ أمرٌ دينيٌّ وعبادة مأمورٌ بها، لأنتسب إلى داركم إلى آخرِ ما مر.
          قال الكرمانيُّ: وتلخيصُه لولا فضلي على الأنصارِ بالهجرَةِ لكنتُ واحداً منهم، قال: وفيهِ أن المهاجرينَ أفضلُ من الأنصار.
          (قَالَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ زَيْدٍ): أي: ابن عاصم بن كعبٍ الأنصاري (عَنِ النَّبِيِّ صلعم): مما وصله المصنِّف في غزوة الطَّائف بطوله.