إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث: لا هجرة بعد الفتح

          3899- 3900- وبه قال: (حَدَّثَنِي) بالإفراد (إِسْحَاقُ ابْنُ يَزِيدَ) _من الزِّيادة_ هو إسحاق بن إبراهيم بن يزيد الأمويُّ مولاهم الفراديسيُّ (الدِّمَشْقِيُّ) قال: (حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ حَمْزَةَ) بالحاء المُهمَلة والزَّاي، أبو عبد الرَّحمن قاضي دمشق (قَالَ: حَدَّثَنِي) بالإفراد (أَبُو عَمْرٍو) عبد الرَّحمن (الأَوْزَاعِيُّ، عَنْ عَبْدَةَ) بفتح العين وسكون المُوحَّدة (بْنِ أَبِي لُبَابَةَ) بضمِّ اللَّام وفتح المُوحَّدتين بينهما ألفٌ مُخفَّفًا، الأسديِّ الكوفيِّ، سكن الشَّام (عَنْ مُجَاهِدِ بْنِ جَبْرٍ المَكِّيِّ: أَنَّ عَبْدَ اللهِ بْنَ عُمَرَ) بن الخطَّاب ( ☻ كَانَ يَقُولُ: لَا هِجْرَةَ بَعْدَ الفَتْحِ).
           (وَحَدَّثَنِي) بالإفراد، ولأبي ذرٍّ ”قال يحيى بن حمزة: وحدَّثني“ (الأَوْزَاعِيُّ) عبد الرَّحمن‼ (عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ) بفتح الرَّاء والمُوحَّدة، أنَّه (قَالَ: زُرْتُ عَائِشَةَ) ♦ ، وكانت مجاورةً في جبل ثبيرٍ إذ ذاك (مَعَ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ اللَّيْثِيِّ) بالمُثلَّثة (فَسَأَلْنَاهَا) ولأبي ذرٍّ ”فسألها(1)“ (عَنِ الهِجْرَةِ فَقَالَتْ: لَا هِجْرَةَ اليَوْمَ) أي: بعد الفتح (كَانَ المُؤْمِنُونَ) قبل الفتح (يَفِرُّ أَحَدُهُمْ) من مكَّة (بِدِينِهِ إِلَى اللهِ تَعَالَى وَإِلَى رَسُولِهِ صلعم ) إلى المدينة، وسقطت التَّصلية لأبي ذرٍّ (مَخَافَةَ أَنْ يُفْتَنَ عَلَيْهِ) أي: على دينه، فكانت واجبةً لذلك، ولتعلُّم الشَّرائع والأحكام وقتال الكفَّار (فَأَمَّا اليَوْمَ) بعد الفتح (فَقَدْ أَظْهَرَ اللهُ الإِسْلَامَ) وفَشَتِ الشَّرائع والأحكام (وَاليَوْمَ) وللأَصيليِّ وأبي ذرٍّ عن الكُشْميهَنيِّ ”والمؤمن“ بدل قوله: «واليوم» (يَعْبُدُ رَبَّهُ حَيْثُ شَاءَ(2)) فالحكم يدور مع علَّته، قال الماورديُّ: إذا قدر على إظهار الدِّين في بلدٍ من بلاد الكفَّار فقد صارت البلد به دار إسلامٍ، فالإقامة فيها أفضل من الرِّحلة؛ لِمَا يُترَجَّى من دخول غيره في الإسلام (وَلَكِنْ جِهَادٌ) في الكفَّار (وَنِيَّةٌ) أي: وثوابُ نيَّةٍ في الجهاد أو الهجرة، نعم ما دام في الدُّنيا دار كفرٍ فالهجرة منها واجبةٌ على من أسلم وخاف أن يُفتَن في دينه.


[1] في (ب) و(س): «وسألتها»، والمثبت موافقٌ لهامش «اليونينيَّة».
[2] في (م): «يشاء»، والمثبت موافقٌ لما في «اليونينيَّة».